خالد بن حمد المالك
قال لي بعد أن أرسل لي آخر ما نُشر له بصحيفة الجزيرة بتاريخ 14/ 2/ 2024م إنه سيعود إلى قرائه، بعد أن توقف عن الكتابة لثلاثة أيام في الأسبوع منذ تاريخ 4/ 4/ 2021م لكنه لم يعد، ولم يتواصل، فقد أجهده المرض وأقعده عن تحقيق رغبته ورغبتنا ورغبة قرائه الكثر.
* *
هذا هو الزميل الأستاذ محمد العبداللطيف آل الشيخ الذي كان أحد اكتشافات «الجزيرة» كاتباً متألقاً بعد عودتي، جريئاً، لا يخشى في الحق لومة لائم، وصاحب عبارة أنيقة، وأسلوب جذّاب، عمق في الطرح، ورؤية وطنية، لا يجامل فيها، افتقدناه كاتباً، والآن نفقده حياً بيننا، فنخسر زميلاً، وصديقاً، وصاحب مبدأ لا يحيد عنه.
* *
لم تكن وفاته مفاجأة، كانت الصدمة قد حضرت مبكراً خلال فترة مرضه، حيث كان الأطباء غير متفائلين بفترة طويلة قبل أن يأتيه الأجل إلا أن يشاء الله، لكن ما بعد الصدمة، كانت هناك صدمة اليقين برحيل (أبو عبداللطيف) الذي سخَّر قلمه منافحاً ومدافعاً عن كثير من المسلَّمات في وقت مبكر، والتي نرى تطبيقها الآن ماثلاً أمام أعيننا.
* *
كان -رحمه الله- ودوداً، وصادقاً، وأنيساً، ومحباً للخير، متعاطفاً مع جماليات الحياة، يقول كلمته ويمشي، فلا يعبأ بردود سلبية، وخياراته في الحياة كانت دائماً أن يرى وطنه شامخاً، ومواطنه في عز وكرامة، فقد وظَّف قلمه وفكره وعلاقاته لكل ما يستجيب لتحقيق هذه الأهداف، وقد نجح كثيراً، بفضل صموده وقوته، ووقوفه مع الحق.
* *
رحل الزميل الأستاذ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ، وبرحيله سوف نفقد رجلاً باراً بوطنه، متمسكاً بكل ما يقويه ويطوره ويضعه في الصفوف الأولى بين دول العالم، في حدود ما كان يكتبه بقلمه السيّال، وفكره الوقّاد، رغم ما كان يعانيه من ردود فعل في بعضها لم تكن معه، ولم تستجب لطرحه، وكانت في مواقفها على نقيض ما كان يكتبه، لكنه كان يتعامل معها على أن حرية الرأي تقتضي مثل هذا الاختلاف، وتثري النقاش نحو مزيد من التجديد والابتكار لما كان من موضوعات.
* *
ومع حزني على وفاة العزيز الغالي محمد بن عبداللطيف آل الشيخ (أبو عبداللطيف) أترحّم عليه، وأسأل الله أن يغفر له، وأن يكون له حظ في سكن بالجنة التي وُعد بها المتقون، مع عزائي ومواساتي لأسرة الفقيد الغالي: أبنائه وبناته وزوجته وكل الأهل، إنه سميع مجيب الدعاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
اقتباس#
في حسابه بمنصة x معالي الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية يرثي الكاتب محمد بن عبداللطيف آل الشيخ -رحمه الله-:
«تلقيت ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة المفكر الشجاع وصاحب القلم المخلص المحب لدينه ولوطنه وقيادته الأستاذ محمد بن عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- الذي وافته المنية صباح اليوم، حيث كان -رحمه الله - سداً منيعاً وطوداً شامخاً أمام تجار الفتن والإخوانيين الصحويين والغلاة والمتطرفين الإرهابيين في وقت كان الكثير يخشى من مجابهتهم ومحاربتهم وكشف حقيقتهم، سخَّر قلمه في محاربة أصحاب المناهج الفاسدة والأفكار الضالة بكل قوة وشجاعة وحجة وبرهان وفكر مستنير عبر كتاباته وأطروحاته خلال مسيرته الصحفية الطويلة رغم الأذى الذي ناله في سبيل ذلك، منهم والمخدوعين بهم، والذي لم يزده إلا ثباتاً بمواقفه الوطنية النابعة عن إيمان عميق بأهمية الدفاع عن أمن الوطن وقيادته لما لهما من مكانة عظيمة في نفسه، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجعل ما أصابه تكفيراً ورفعة له.
أقدم عزائي الصادق إلى أبنائه عبد اللطيف وعبد العزيز ووالدتهما الكريمة وكافة محبيه، ونسأل الله أن يلهمهم الصبر والسلوان، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.