خالد بن عبدالرحمن الذييب
عندما أُمر إبليس بالسجود لأدم ارتكب عدة مغالطات، هذه المغالطات يرتكبها بعض البشر منطلقين من منطق إبليس، أول هذه المغالطات أنه بدأ نقاشه من خلال نتيجة مسبقة عنده بصرف النظر عن الحقيقة التي انطلق منها، فهو بدأ جداله بتأكيد فكرة «الخيرية»، فقال {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين}، فإشكاليته لم تكن في المبدأ الذي استند عليه، ولكن في النتيجة التي وصل إليها، فهو أراد أن يؤكد وجهة نظره حول نفسه بـ«الخيرية» من خلال حقيقة «خلقتني»، وهو المبدأ الذي انطلق منه، فهو لا ينكر حقيقة أنه مخلوق ولكن يرى نتيجة لمادة خلقه أنه خير من آدم عليه السلام، أي أنه طوّع الحقيقة لفكرة يريد أن يوصّلها، فقضيته ليست في الطين والنار، ولكن في «أنا خير منه»!.
وهذه مشكلة البعض أنه يناقش الأمور ولديه فكرة مسبقة ونتيجة يريد أن يصل إليها، فيطوّع كل الحقائق والأكاذيب لمصلحة فكرته، مثله في ذلك مثل إبليس الذي أخذ فكرة «الخلق» وهي حقيقة، وفكرة أنه خُلق من «النار» وهي أيضاً حقيقة لتخدم النتيجة المسبقة التي عنده ويريد أن يوصلها، وهي فكرة «الخيرية».
والمغالطة الأخرى التي ارتكبها إبليس هي إقراره بأن النار خير من الطين مع أنه لا شيء يثبت ذلك، فالنار لها مزايا وعيوب وكذلك الطين.
وهي مغالطة يرتكبها أصحاب المنطق الإبليسي بإقرارهم بأشياء في أذهانهم على أساس أنها حقائق، متناسين أن ما يعتبرونه حقائق هو في الأساس وجهة نظر لا تستند إلى دليل، فمن قال إن النار أفضل من الطين؟
ومن المغالطات التي يرتكبها أصحاب المنطق الإبليسي هي عدم التفرقة بين ما يوهب لك وما تأخذه بنفسك، فإذا افترضنا جدلاً أن النار أفضل فمن الذي أعطاك هذه المزية؟ هو بذاته الذي أمرك بالسجود، وهذه مشكلة أصحاب المنطق الإبليسي عندما يتباهون بأصولهم وأعراقهم، ثم يجادلون بأن كيف لأمثالهم تنقلب عليهم الدنيا ويصل حالهم إلى درجة معينة من السوء مع أن الله الذي خلقهم سادة وخلق غيرهم عبيداً بإمكانه أن يقلب الآية ويخلقهم عبيداً، ويخلق غيرهم سادة، ويبدأون بالتذمر من توزيع الأرزاق، ولا نعلم كيف خوّلوا لأنفسهم ذلك.
أخيراً ...
الحقيقة السليمة ليس شرطاً أن تكون نتيجتها فكرة سليمة..
ما بعد أخيراً..
أسوأ ما في الجدل.. عندما تجادل من لديه نتيجة يريد أن يصل إليها بأي طريقة كانت.. سواء بحقائق أو أكاذيب..