د. عبدالله بن راشد السنيدي
اتخذ الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) قراراً متسرعاً وارتجالياً بحل البرلمان (الجمعية الوطنية) بعد ظهور نتائج انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي بتاريخ (9-6-2024م) والذي فازت فيه أحزاب اليمين ومنها حزب أقصى اليمين المتطرف الفرنسي.
وكان هدف ماكرون من حل البرلمان هو توضيح الأمر للشعب الفرنسي ولأوروبا بعد فوز اليمين في انتخابات البرلمان الأوروبي.
وكان ماكرون قبل حل البرلمان يحظى بأغلبية رئاسية مريحة في البرلمان ورئيس وزراء من حزبه (غاربريل أتال) مما جعله يحكم بارتياح.
ولكن بعد إجراء الانتخابات في فرنسا فاز اليمين المتطرف بزعامة (جوردان بارديلا) في الجولة الأولى التي أجريت في (2024/7/1) بأعلى الأصوات وحلت أحزاب اليسار في المرتبة الثانية وحل حزب ماكرون في المرتبة الثالثة. وبعد إجراء انتخابات الجولة الثانية بتاريخ (2024/7/7م) حقق تحالف اليسار بزعامة (جاك لوك ميلا نشون) المفاجأة حيث حل في المرتبة الأولى حيث حصل على (182) صوتاً وجاء حزب ماكرون في المرتبة الثانية (168) صوتاً وجاء حزب اليمين المتطرف في المرتبة الثالثة (143) صوتاً.
ولكن من دون أن يحقق اليسار المتطرف الأغلبية لكي يشكل الحكومة بمفرده مما يفتح الباب أمام اشكالية كبيرة في تشكيل الحكومة تُدخِل فرنسا للمجهول وهو ما يجعل ماكرون في موقف حرج فهو إن اختار رئيس الحكومة من حزب اليسار المتطرف والذي حل في المرتبة الأولى فلن يتمكن من ممارسة الحكم بارتياح وذلك للتباين الواسع بين سياسته وسياسات اليسار المتطرف وسيكون كالبطة العرجاء.
ولذلك سيظل ماكرون وقتاً طويلاً ومُؤرقاً لتحديد من يتولى رئاسة الحكومة تفادياً للاصطدام باليسار المتطرف ولصعوبة تشكيل حكومة ائتلافية من هذه الأحزاب المختلفة في برامجها وتوجهاتها وتجانسها.
وعليه فإن المثل الشعبي الذي يقول (كحّلها فأعماها) ينطبق على ماكرون فقد كان يحكم بأغلبية مريحة وحكومة من حزبه وكان بإمكانه الاستمرار على ذلك حتى انتهاء فترة رئاسته سنة (2027) من دون اللجوء لحل البرلمان ونتائج الانتخابات التي تلت ذلك والتي كانت في غير صالحه.
والذي يهم العرب في هذه الانتخابات أن أحزاب اليسار التي فازت بأغلبية نسبية لها موقف واضح من حرب غزة وهو الدعوة لوقف إطلاق النار خاصة بعد فوز الفرنسية من أصل فلسطيني (ريما حسن) بمقعد في البرلمان الأوروبي عن حزب (فرنسا الأبية اليساري).