سلمان بن محمد العُمري
تجد اثنين تخرجا سوياً في مجال تخصص واحد وعملا في قطاع واحد، وبعد عدة سنوات ارتقى A في سلم المناصب وبقي B في مكانه يراوح ولم يتقدم أي خطوة للأمام ،على الرغم من أن مؤهلهما العلمي واحد وقدراتهما العقلية واحدة، ولكن ثمة فارقاً بينهما وهو الطموح وعلو الهمه عند A والتراخي والانطواء عند B.
ومن المتضادات العجيبة التي تثير السخط والحنق في آن واحد أن هناك من يؤمن بقدراته رغم عجزه، وهناك من يؤمن بعجزه رغم قدراته، وشتان بين الاثنين وإن تساوا في الغبن، ومن تأمل في أحوال الناس وجد أنهم من بين هذين الصنفين، فمعروف متعجرف يدعي العلم والمعرفة وينظر للعالم وهو لا يبصر ما دون قدميه، وآخر أعطاه الله علماً وفهماً ولا يمتلك الإرادة والعزيمة لإفادة من حوله فظل علمه وإدراكه حبيس رأسه.
وحديثي عمن يملكون القدرات ويتنحون جانباً لغيرهم ممن لا يملكون إلا (الفهلوة) فالتقدم لا يأتي بدون تغيير، والعاجزون عن تغيير طريقة تفكيرهم لن يغيروا أي شيء؛ فمن لا يتغير من الداخل لن يتغير أبداً، والرسائل الذاتية هي أقوى أنواع الرسائل، وذات أثر بالغ، فإن خاطبت نفسك بـضعف فستبقى ضعيفاً، وإن خاطبتها بـقوة، فتأكد أنك ستكون قوياً، وقديماً قيل إن التردد يكلفك مالا تكلفك الخطوات العاثرة.
اعزم وتوكل ولا تخشَ العثرات، حتى وإن عثرت فالسقوط أول درجات الصعود، وأن تسقط في البدايات خير من أن تسقط في النهايات، فالعثرات ليست سيئة مطلقاً، بل هي لأجلك؛ لتعي وتفهم أموراً لم تكن تعلمها أو تدركها من قبل، فالمواقف بجميع أحوالها دروس للحال والمستقبل، والإنسان مهما بلغ لا يستغني عن التعلم والتجارب واكتساب الخبرات، وليس سهلاً أن تنال النجاح وأنت تقبع في دائرة الخوف والتردد، وصدق من قال: إن خوف الناس من الفشل يبقيهم في الوحل، والقاعدة المهمة للانطلاقة وهي مفتاح النجاح هي أن نركز فكرنا ووعينا على الأشياء التي نسعى إليها، لا أن نركز على الأشياء التي نخشاها.
إن الإيمان بالله أساس كل نجاح وهو المنار الذي ينير لصاحبه الطريق وهو المعيار الأول لسلوك طريق النجاح، ثم يبدأ بعد ذلك الثقة بالنفس وأن يزيل الإنسان من تفكيره عقدة الخوف من الفشل وينفض عن نفسه غبار التقصير والكسل وألا ينتظر التشجيع من أحد، فلا يحتاج أصحاب الهمم العالية بالفطرة لمن يشجعهم ويدفعهم للأمام بل يجب أن يكون التشجيع ذاتياً، فشجع نفسك بنفسك وقم بها بنفسك، وأبداً لا تنتظر من يقول لك: أنت مبدع وتقدم وكل كلمات التشجيع المعتادة، فطبق مبدأ التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب ولا تيأس، وخطوات النجاح تحتاج إلى العلم والمثابرة والصبر والإصرار وعدم اليأس والقنوط، ثق بنفسك وآمن بقدراتك وتوكل على ربك حتى تصل إلى هدفك، ومن سار على الدرب وصل.
والعظماء والناجحون والقدوات لم يولدوا هكذا فلم يكن طريق النجاح مفروشاً لهم بالورود، ولم يولد العظماء وفي أفواههم ملاعق من ذهب، بل وطَّنوا أنفسهم على فعل الأشياء التي لا يرغب المتقاعسون والمترددون في فعلها فكان لهم السبق والريادة.
التفكير الإيجابي هو أول الخطوات التي يجب اتباعها للتخلص من الخوف والقلق والتردد، لذلك يجب تطوير المهارات الشخصية والقدرات الإبداعية، كما يجب التركيز على مواقف الآخرين الإيجابية، وبالتالي توظيف هذه الطاقة في العمل أو العلاقات الشخصية مع الآخرين، وأن تتعلّم وتتزود بالمهارات التي يتطلبها عملك وتخصصك، وأن لا تقارن نفسك بالآخرين ولا تستمع للمثبطين، واعمل واجتهد على تطوير نفسك وقدراتك، وأن تتعرف كيف تتعامل مع الآخرين، والأخرى نقطة مهمة لأن أي عمل مهما كان لابد أن يقترن بمخالطة الآخرين سواء أكانوا زملاء في العمل أو من العملاء أو الجمهور المستفيد من المنشأة، وهناك أناس ديدنهم الانتقاد دوماً، حتى وإن لم يكن هناك أخطاء، فعليك ألا تلقى بالاً لهذه الانتقادات والآراء السلبية، وأن تعمل على أخذ ما يستفاد منه من آراء ووجهات نظر بناءة، والاستفادة والتعلّم من أخطائك، وتجاوزها مستقبلاً، وليس عيباً أن تخطيء ولكن العيب أن تستمر في الخطأ، ولا يوجد أحد معصوم عن الخطأ، والأخطاء متفاوتة من شخص لآخر.