يزيد الدبيخي
لنا عبر العصور قصص ترويها لنا القصور الشامخة وتشهد عليها العقود الشاهقة ولنا بصفحات التاريخ حكايات رصينة وأمجاد فريدة، فكان الكرم ديدنهم والعطاء نهجهم والوفاء مبدأهم والقوة أساسهم ومنبعهم، حديثي اليوم عن مورث نفخر به ونتفاخر ونسعد به ونتأمل ولطالما بحثنا عنه في قصائد الشعراء وكتب العلماء وتوثيق الرواة الأجلاء، حديثي عن أجدادنا الذين صنعوا بأيديهم مجداً خالداً من عدم وفخراً تليدًا من فقر حتى أصبحوا علماً للأجيال ونبراساً للأزمان وذلك وفق إمكانات بشرية محدودة استطاعوا خلق من الضعف قوة ومن الفشل نجاحاً ومن الإخفاق إنجازاً فمن يقرأ كتب السير وينظر في منشورات المؤرِّخين ويقلِّب في أوراق الكتَّاب المخلصين سيجد العجب العجاب من المواقف البطولية التي سطرها آباؤنا وأجدادنا، ولعل الملاحم التاريخية التي خاضوها من أجل ترسيخ قواعد ومبادئ دينهم خير دليل وأعظم مثال، فالجزيرة العربية هي بدون أدنى شك مصنع العلماء والمفكرين والأدباء ومنها شعَّ نور الحق وظهر دين الإسلام دين المودة والمحبة والمعزة وهذا الإرث العريق منارات تقود الإنسان نحو الهدى وطريق للتقى فمن سار عليه نجا وارتقى ومن أحداثهم العظيمة الملهمة نستمد الصبر للفوز بالظفر ونستشعر الإصرار من أجل التمكين والنصر وكما قال أمير المؤمنين عمر أبن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزّة بغيره أذلنا الله). وهنا تأكيد على التمسك بالهوية الإسلامية الأصيلة والبعد كل البعد عن محاكاة الغرب للتقاليد غير الرزينة, وهنا رسالة في غاية الأهمية للآباء والأمهات ازرعوا في أبنائكم العزة والقوة والشجاعة وأكبروا في صدورهم تاريخ آبائهم ومسيرة أجدادهم الحافلة بالإنجازات المليئة بالنجاحات ليحذوا حذوهم ويسيروا على نهجهم ليحققوا مرادهم ويصنعوا بأيديهم مجدهم، فما أحوجنا اليوم والله إلى جيل مبتكر يحمل غاية سامية ونظرة ثاقبة يملؤها الاتزان ويسودها الإيمان ويغطيها الاعتزاز بالنفس والثقة بالله تعالى، ولنكن معهم يداً بيد لصناعة غد مشرق حافل بالأمل والسعد وبحاضر تغمره البهجة والفرحة كماض عريق عتيق اتسم بالشهامة والعزة، أسأل الله تعالى أن يوفّق أبناءنا وبناتنا للتمسك بالعقيدة السليمة والسير على منهج المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما أساله سبحانه أن يكونوا عدة لأمتهم ومجتمعاتهم وأن يرزقهم الوسطية والاعتدال في الأقوال والأفعال.