تغريد إبراهيم الطاسان
لطالما اعتبرت التنمية المجتمعية؛ التي تقوم على الاستثمار في الإنسان؛ إحدى أهم ركائز نهضة وتقدم الدول والمجتمعات الحديثة، نظرًا لدورها الفعال في تمكين مواطنيها اجتماعيًّا واقتصاديًّا، من خلال إزالة الحواجز التي تواجههم لتحقيق أهدافهم الطموحة بسهولة ويُسر، وذلك عبر توفير الخدمات الأساسية المخطط لها مسبقًا التي تسعى لقيادة الطاقات والإمكانات إلى التفاعل والاستغلال الأمثل، وتحفيز جهود تلك الدول والمجتمعات والقطاعات العامة التابعة لها، وإيجاد روابط اجتماعيّة بينها وبين القطاع الخاصّ وهؤلاء المواطنين، وهذا كله يهدف إلى خلق تغيّرات على أنشطتهم ومجالاتهم الاجتماعيّة السائدة، جنبًا إلى جنب مع الاهتمام بحاجاتهم الفسيولوجيّة والخدميّة والمعيشية، وقد اعتمدت لجنة الأمم المتحدة ذلك ضمن أهدافٍ عالمية وضعتها لتحقيق التنمية المستدامة.
وكجزء من هذا العالم، أولت المملكة بتوجيهات قيادتها الرشيدة اهتمامًا كبيرًا لدعم هذه الأهداف، وعملت بها ضمن رؤيتها الطموحة للعام 2030م، التي رسمت خارطة طريق نحو تنمية وطنية مستقبلية شاملة ومتكاملة، واختطت لها مسارًا نهضويًّا طموحًا، وأطلقت في سبيل ذلك العديد من المبادرات والبرامج التي يبرز من بينها البرنامج الوطني للتنمية المجتمعية في المناطق «تنمية» الذي تأسس في العام 2018م، وبدأنا نجني ثماره اليوم من خلال نجاحه في تحقيق التنمية المجتمعية المستدامة لنا كمواطنين في مناطق المشاريع التنموية وضمان أفضل مستوى معيشي لهم والعمل على تحسينه، وذلك عبر تقديم منظومة متكاملة وشاملة من البرامج والخدمات التنموية وفقًا لمعايير وطنية تراعي حقوق الإنسان بالدرجة الأولى، وتحقق له حياة كريمة وبيئة مستقرة وفق أفضل الممارسات الدولية.
وتتويجًا لما حققه «تنمية» منذ إطلاقه قبل ست سنوات، جاءت موافقة مجلس الوزراء على تجديد مدة البرنامج الوطني للتنمية المجتمعية في المناطق لمدة سبع سنوات، ولا شك أن هذا القرار يعكس حرص قيادتنا الرشيدة واهتمامها بالارتقاء بمستويات معيشة المواطن، ومتابعة شؤونه في مختلف جوانبه الحياتية، وذلك بهدف تحقيق أفضل سبل الرعاية لحقوقه وتوفير خدمات متكاملة وبيئة ملائمة تلبي احتياجاته ومتطلباته، مع تذليل كافة العقبات التي تواجهه بما يضمن له حياة كريمة توفر له الاستقرار الاجتماعي، وتحقق له الرفاهية وتحسن جودة حياته، انطلاقًا من أن المواطن هو حجر الأساس والمحور الأهم في تقدم الوطن واستقراره في شتى مجالات الحياة.
وتقوم فكرة «تنمية» على التعاون مع الشركاء الإستراتيجيين من الجهات الحكومية والخاصة وغير الربحية في تقديم البرامج التنموية والخدمات التي تناسب حاجة سكان كل منطقة من مناطق المشاريع التنموية الكبرى، والمساهمة في توجيه الدعم اللازم للفئات الأكثر حاجة، وذلك من خلال دراسة الأوضاع الراهنة لتلك المناطق وتحليلها، ووضع الخطط المناسبة لتنفيذ هذه البرامج والخدمات التنموية، من خلال تصميم التدخلات التنموية المناسبة لضمان استعادة المستوى المعيشي للسكان والعمل على تحسينه، ولا تقف سياسات «تنمية» ومبادئه عند اكتمال انتقال السكان، بل تستمر جهود المتابعة المجتمعية في التقييم والتطوير المستمر للبرامج والخدمات المقدمة وذلك بقياس مدى انتفاع المستفيدين من الخدمات والبرامج المقدمة لهم ومعرفة مدى رضاهم عنها، وتحديد كفايتهم منها أو حاجتهم إلى دعم إضافي.
نحمد الله سبحانه وتعالى أن منّ علينا بقيادة استثنائية طالما دأبت دائمًا على الاهتمام بوضع المواطنين على رأس قائمة أولوياتها وجعلتهم محورًا أساسيًّا للتنمية الاجتماعية فيها، من خلال مبادرة برنامج «تنمية» وغيره الكثير من المبادرات العظيمة التي تهدف في غاياتها إلى الارتقاء بمستوى معيشتهم وتهيئة الظروف المواتية أمامهم ليكونوا نموذجًا ناجحًا يساهم في دفع مسيرة التنمية وعجلة التقدم للأمام، لنكون في مصاف الدول المتقدمة.