عبد الله سليمان الطليان
الاحتيال المالي ليس وليداً جديداً في المجتمعات بل هو موجودٌ منذ القدم له طرق مختلفة ومتنوعة، زادت وتيرة هذا الاحتيال وتطور مع التغير الحضاري والتكنولوجي، ودخول المجتمعات البشرية في علاقات تجارية ومالية كثيرة عبر شركات ومؤسسات.
ولعل العامل التكنولوجي وتبادل المعلومات المالية عبر الإنترنت هو أكثر ما راح يزيد من هذا الاحتيال وهناك أمثلة كثيرة وعديدة، في بعض منها غاية في الدهاء والمكر، مثال ذلك الممول الأمريكي برني مادوف أكبر محتال مالي معترف به في تاريخ العالم والولايات المتحدة. (1934 - 2011)، حيث بدأ برني في العام 1960، يخطو أولى خطواته في عالم المال والأعمال، من خلال تأسيس شركة صغيرة لم يتعدَّ حجم رأسمالها آنذاك 10 آلاف دولار أمريكي، هي شركة برنارد آن مادوف للاستثمار في الأوراق المالية. التي ستضحى فيما بعد حجر الزاوية في عمليات الاحتيال التي اقترفها، وشيئاً فشيئاً شرع برني في ولوج دهاليز وول ستريت وذاع صيته في أوساط المستثمرين إذ كثيراً ما نادى بأهمية الحفاظ على حقوق المستثمرين، وابتكر أسلوباً في تحقيق أقصى العوائد للمستثمر داخل أكبر سوق مالية في العالم وعلى طريقة التسويق الهرمي pyramid scheme أوهم مادوف عملاءه لتحقيق عوائد خيالية قدرها بنحو 50 مليار دولار، اتضح لاحقاً أنها خيالات قد نجح الرجل في نسجها بداخل عقول عملائه الذين انتابتهم صدمة عنيفة في أعقاب انهيار الشركة، تزامناً مع الأزمة المالية العالمية في العام 2008. وأعلنت بنوك في كل من إسبانيا وسويسرا وفرنسا وإيطاليا وبنوك من دول أخرى ضياع أكثر من مليارات الدولارات بسبب احتيال مادوف.
مثال آخر خطة بونزي أو هرم بونزي: هو نظام بيع هرمي، وشكل من أشكال الاحتيال ينشط مثل كرة ثلج دوارة: إذ أنها تعد بربح طائل. ويمول هذا الربح من تدفق رأس المال حتى انفجار فقاعة المضاربة، ويُعزى هذا النظام إلى تشارلز بونزي (1882 - 1949)، وهو محتال إيطالي كان نشاطه في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، واشتهر بالقيام بعملية تزوير عقاري في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، باعتماد هذا النظام.
وهناك التداول المفتعل (الصوري): عملية يقوم فيها المتداول بشراء الأوراق المالية وبيعها لغرض واضح ومحدد، وهو تزويد السوق بمعلومات زائفة مضللة، وفي بعض الحالات، ينفذ التداول المفتعل (الصوري) من قبل المتداول والوسيط اللذين يتفقان، أحدهما مع الآخر، على ذلك الأمر، وفي أحايين أخرى، ينفذ هذا التداول من قبل المستثمرين الذين يعملون كمشترين وبائعين للأوراق المالية.
وهناك أيضاً استراتيجية الضخ والتفريغ Pump and dump: وهي استراتيجية تستخدم لرفع أسعار أسهم أو عملات لا قيمة لها بشكل سريع، ثم تباع لجني الأرباح - ارتفاع الأسعار بعد اجتذاب الضحايا لشرائها بأسعار مرتفعة، هذا، وتعد تلك الطريقة مخالفة، بيد أنها قد شرعت تنتشر في عالم العملات الرقمية والمشفرة. ووفقاً لهذه الاستراتيجية، عادة ما يجري اختيار عملة معدومة القيمة ذات حجم سوقي متدنٍّ، تعرف باسم ahincoln، حيث يرفع السعر على نحو مصطنع بطريقة تسويقية يجري التخطيط لها، ومن خلالها تستخدم بيانات زائفة ويروج للشائعات في أعلى منصة من منصات التواصل الاجتماعي، إلى غير ذلك من طرائق خداع المتداول البسيط وإيهامه بأن هذه العملة فرصة ينبغي ألا يفوتها. ومن البدهي أن يقضي ذلك إلى ارتفاع سعر العملة الرقمية بأعلى من قيمتها الفعلية فيستفيد أولئك الذين تحايلوا بالاستعانة بتلكم الاستراتيجية بسعر أعلى من ذاك الذي اشتروا به. ومع هذه الأمثلة مازلنا نشهد المزيد من خلال تطور المعلومات الرقمية والذكاء الاصطناعي. فهل يمكن من الأمن السيبراني في أن يحمينا من هذا الاحتيال؟ أتمنى ذلك في واقعنا الذي يشهد هجوماً شرساً من قبل مخترق أو قرصان أو بالإنجليزية (Hacker) خاصة في مسألة حسابات الأفراد في البنوك.