فضل بن سعد البوعينين
أطلق البنك المركزي السعودي «ساما» خدمة جديدة تتيح للأفراد إمكانية التحقق من ملكية الحسابات الشخصية لدى البنوك المحلية، من خلال قنواتها الإلكترونية، بهدف الحد من مخاطر العمليات المشبوهة، والاستخدام غير المصرح به للحسابات، وانتحال الهوية الشخصية، وبما يعزز الموثوقية.
خدمة مهمة، تعزز الرقابة الذاتية للأفراد، وتمكنهم من إجراء عمليات بحث ذاتي للتأكد من عدم وجود حسابات بأسمائهم قد تستخدم في عمليات مشبوهة تقحمهم في قضايا قانونية، خاصة بعد التوسع في الخدمات الرقمية، التي يجد البعض صعوبة في التعامل معها، والإلمام بمخاطرها.
ركزت «ساما» في بيانها الرسمي حول الخدمة الجديدة، على تعزيز الموثوقية بالقطاع المالي، وهي قاعدة التعاملات المالية التي تبنى على ثقة المودعين، المستثمرين، والمقترضين بالقطاع، وبالجهة الرقابية التي تضمن حقوق العملاء من جهة، وتعمل على تعزيز استقرار القطاع، الذي لا يمكن تحقيقه بمعزل عن ثقة العملاء.
وعلى الرغم من جهود ساما المتميزة في تعزيز موثوقية القطاع، وحماية حقوق العملاء، إلا أن عدم التزام بعض البنوك بمتطلبات حماية حقوق المقترضين تتسبب في تحديات تؤثِّر سلباً على هدف تعزيز الموثوقية، وترفع أكثر من علامة استفهام حول قدرة «ساما» على إنصاف المتضررين من البنوك الكبيرة، ومعالجة قضاياهم الملحة والعادلة.
تحديات القروض العقارية التي تواجه بعض المقترضين، منذ بداية إطلاق منتج التمويل العقاري في مرحلته الأولى التي اعتمدت تحويل ملكية الأصول العقارية إلى شركات تابعة للبنوك، بدلاً من رهنها باسم العميل، ربما كشفت عن تراخي بعض البنوك في تنفيذ الأنظمة، وتحقيق متطلبات حفظ حقوق الملكية وإعادتها للعميل بعد سداد مديونيته.
في العام 2017 ألزمت «ساما» جميع البنوك والمصارف وشركات التمويل، بتوثيق الرهون العقارية وفقاً لحقيقة عقودها، والتوقف عن الإجراءات المتعلقة بنقل ملكية العقار بدلاً من رهنه، وتصحيح أوضاع العقارات المسجلة (آنذاك) باسم البنك أو المصرف أو شركة التمويل خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات. الحقيقة أن بعض البنوك ربما تأخرت في تصحيح أوضاع عدد من العقارات المسجلة بأسمائها، وتوثيقها بأسماء المقترضين، ما نتج عنه بعض المشكلات المتعلقة بإثبات الملكية.
قد تكون الحالات المخالفة محدودة جداً، غير أنها تعكس آلية التعامل مع المقترضين، وتوفير الحماية التامة لهم، وحفظ حقوقهم. وأضرب مثالاً بحالة مقترض اشترى عقاراً بتمويل بنكي، وتم تحويل العقار إلى ملكية البنك مباشرة، وفق عقد تمويل عقاري، وبعد سداد كامل المديونية، لم يبادر المقترض بطلب تحويل العقار باسمه، كما أن البنك لم يحرص على تحويل العقار بعد استيفاء كامل المديونية في حينه، ولم يبادر أيضاً، إلى تصحيح الوضع بعد إصدار «ساما» التعليمات الخاصة بتصحيح أوضاع العقارات المسجلة باسم البنك.
وبعد سنوات طويلة، تنبه العميل إلى أن منزله ما زال مسجلاً باسم البنك، فتقدم بطلب لنقل ملكيته بعد أن أثبت سداد كامل المديونية، وقدم صك ملكية العقار باسم المالك الأول الذي نقله باسم البنك، وصورة صك الملكية باسم البنك بعد التحويل، غير أن البنك اشترط وجود العقد الموقع مع البنك، ونظراً لفقدان العميل لأصل العقد، رفض البنك إتمام عملية نقل الملكية.
من المؤسف أن تأخذ عملية التحقق من ملكية عقار تم شراؤه بتمويل عقاري سنوات طويلة، دون أن تثمر عن إعادة الحق لصاحبه، أو أن يجد المقترض من ينصفه ويحميه ويعيد له حقه الشرعي، على الرغم من مطالباته المستمرة وطرح مشكلته على البنك المركزي.
الحقوق لا تسقط بالتقادم، وإثبات الملكية يمكن التحقق منه بسهوله من خلال القيود المصرفية ذات العلاقة بأصل القرض الذي تم إيداعه لحساب العميل، والأقساط الشهرية التي تم سدادها خلال سنوات القرض. فحساب العميل أكثر موثوقية وأدق في إثبات العلاقة التعاقدية، من العقد المفقود. كما أن البنك يمتلك أصل العقد الموقع في أرشيفه، ويمكن الرجوع إليه بسهولة، وفي حال فقدانه، أو عدم تمكنه من إحضاره بسبب سوء الأرشفة، فيفترض أن يعزّز ذلك قبول شكوى العميل، الذي قدّم تفاصيل عملية التمويل العقاري، وملكيته العقار المسجل باسم البنك.
حالة فردية آثرت التركيز عليها لشرح جانب من معاناة عملاء التمويل العقاري في مرحلته الأولى، التي أفرزت بعض الإشكالات، فتم معالجة نقل الملكية بالرهن، وبقت تداعياتها دون معالجة، ما يتطلب وقفة حازمة ومعالجة سريعة من البنك المركزي. حالة فردية قد تخفي خلفها حالات أخرى تحتاج إلى تدخل البنك المركزي لمعالجتها وفق آلية سريعة، وتعامل أكثر احترافية في حفظ حقوق العملاء وتعزيز موثوقية القطاع المالي والجهة الرقابية، وزمن التقاضي.