د.م.علي بن محمد القحطاني
يطلق النقل الذكي غالباً على استخدام تطبيقات أجهزة الهاتف المحمول لتأمين مركبات لتوصيل الركاب ثم تلاها خدمة توصيل طلبات من المحلات للمشترين ومن هذه الطلبات توصيل المأكولات والمشروبات (الأطعمة)، وهنا سأطلق هذه التساؤلات في سماء الجهات المعنية والمختصة لعلها ترصدها أوتراها ويتم التفاعل بها والتعامل معها.
توصيل الطلبات هل هناك تنظيم لمثل هذه المهنة..؟ فقد أصبحت مهنة شئنا أم أبينا إذا كان الأمر كذلك فما هو مسماها..؟ وهل يسمح بالاستقدام عليها...؟ وما هي شروطها...؟ وضوابطها...؟ أم أنها خُصصت لاستيعاب فئات موجودة داخل المملكة أصلاً..؟ أم ستوفر أعمالاً إضافية لمن هم داخل سوق العمل...؟ وهل يعملون ضمن كيانات رسمية رخصة..؟ هل يسمح لكل من يرغب بالعمل بشكل مستقل..؟ وهل وسائط التوصيل ملكاً لقائدها أم مملوكة للشركة أو المؤسسة..؟
وحرصاً على سلامة قائدها والركاب وبقية مستخدمي الطريق من يتولى صيانة هذه الوسائط؟ وفحصها؟ ونظافتها؟ وتعقيمها؟ بشكل دوري لضمان سلامتها؟.. ومتى؟
في بعض دول العالم بدىء استخدام الريبوتات والدرون وفي القريب ستستخدم مركبات (ذاتية) آلية الحركة ولكننا حالياً يكفينا تطوير وتحديث أنظمة وقوانين لتنظيم خدمات النقل باستخدام تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع زيادة الاعتماد على النقل الذكي لضمان تحسين جودة الخدمة فبالإضافة للاشتراطات العامة لهذا النشاط إلا أن نقل وتوصيل الأطعمة والمشروبات أكثر حساسية وأولى بالرعاية والاهتمام ويتطلب المزيد من الاشتراطات تشمل بالإضافة إلى وسيلة النقل كلاً من السائق والحاوية أو صندوق النقل والحافظات إن وجدت لضمان سلامة الوجبة من مكان التحضير والإعداد حتى وصولها للمستفيد نبدأ بسلامة السائق ثم المركبة ثم الصندوق والحافظات هل يتم ذلك بوضع السلعة في حرز مصمم لهذا الغرض؟ لا يفتح إلا بكود يزود به المستفيد وهل يتم تحديد زمن أقصى للرحلة من المطعم حتى تصل للمستفيد؟ لا يعمل بعدها هذا الكود؟ للحفاظ على سلامة الوجبة أثناء التنقل وهذا يعتمد على نوع الوجبة ونوع ومواصفات وسيلة النقل والحافظة.
ثم كيف نضمن عدم تنقل الطلب بين أكثر من مندوب؟ أو استبدال سائق بآخر..؟ ويمكن ذلك بوضع بصمة وجه السائق تُحدّث عند كل طلبية محددة بفترة صلاحية..؟
والأهم ما هي الاشتراطات الواجب توفرها في وسائط التوصيل..؟ لأن الكثير مما ذكر أعلاه يعتمد عليها لتكون في حالة ملائمة لتقديم مستوى خدمة متميز.. وما هو وضع التطبيقات الحالية؟ وآلية عملها؟ لأهمية أن تواكب كل جديد في هذا المجال لتشمل كل هذه النقاط ليسهل الرجوع إليه عند الحاجة (صندوق أسود) فكل تحرك مرصود بالوقت والتاريخ والموقع وسيحدد كل من له دور في هذه الرحلة وهذا سيسهم في تطوير أعمال اللجان بل الاستغناء عنها تماماً وذلك يستلزم تطوير قدرات وإمكانيات العاملين في هذا المجال وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع هذه المتغيرات من دراسة المعلومات والأرقام وتحليلها وستقوم أجهزة الحاسوب بهذه المهمة ويمكن في الأمور المعقدة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وقد يقول قائل لماذا كل هذه التعقيدات؟ الأمور بخير، نعم الأمور بخير والحالات قليلة ولكن النفس البشرية غالية ومحرم التسبب في موتها أو إصابتها طالما لدينا من الإجراءات ما يضمن إلى درجة كبيرة صونها وسلامتها.
وقد يقول آخر كم ستكلف هذه الإجراءات لو طبقناها؟ ومن سيتحمل التكلفة الإضافية؟... المواطن بالطبع فنقول له بعد هذا التقدم المذهل في البرمجيات وتطبيقات الأجهزة الذكية أكاد أجزم بأنها دراهم معدودة بالنسبة لما ستوفره لنا من أمن وسلامة وتحديد المسؤوليات وتنظيم هذا المجال بل ستؤدي لإنخفاض تكاليفها، ثم ما هي آلية التأكد من التزام الشركات مقدمة الخدمة بحسن اختيار السائقين..؟ خُلقياً؟ ومهنياً؟ وطبياً؟ وسلوكياً بأن تجري على نفقتها فحص عينة عشوائية شهرياً للسائقين مما يعني إحكام الرقابة على تلك الشركات. وهذا لا يلغي ممارسة الجهات الرقابية بدورها الرقابي والتفتيشي بجولات تفتيشية عشوائية للتأكد من كل ذلك.
وهذه خطوة أولى لإعداد نظام مشترك وتطبيق موحد يشارك فيه كل من وزارة الصحة, الداخلية (الشرط المرور) البلدية والموارد البشرية والنقل والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) وجهة مختصة بالبحث والتحقق والتحقيق.
وبالإجابة على كل تلك التساؤلات نكون قطعنا شوطاً لا بأس به لتنظيم هذا القطاع ومما يدعو للتفاؤل بسرعة الاستجابه أن كل أو معظم تلك المقترحات ليست اختراعات بل ممارسات متوفرة بدرجات متفاوتة في عدد من التطبيقات وليس علينا إلا جمعها في بوتقة واحدة لتنصهر في تطبيق واحد.
وبهذا فإنه آن الأوان لإلغاء مسمى اللجان ليختفي ما يسمى تشابك المسؤوليات وازدواجية الصلاحيات لأن طبيعة عمل اللجان يسعى كل مندوب لفرض وجهة نظر جهته في كل قرار أي أن اللجنة تسعى لجمع الأضداد! وتحقيق أهداف عدة في الوقت نفسه! وترى العالم بكل تعقيداته.. فتكون الصلاحيات مبعثرة أو مشتتة وذلك لعملها على عدة مستويات كما أنها لا تمتلك مفهوماً شاملاً أو رؤية موحّدة.
هذه هي حقيقة اللجان
ولو عادت بنا الذاكرة للوراء لتذكرنا ما قامت به الهيئة العامة للاستثمار في بداية عملها من خطوات كمسرعات للأعمال لجذب الاستثمارات الأجنبية من تخصيص مكاتب لكل الجهات ذات العلاقة في نفس مقر هيئة الاستثمار لسرعة إنجاز الأعمال ولكن للأسف كنت تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى فكل له متطلباته بل عالمه الخاص مما أدى إلى إهدار وقت المستثمر وتردده على عدة إدارات كل منها لها تعليماتها والتي يعتقد موظفو هذه الجهة أو تلك بأنها الأهم وإلزام المستفيد بالتمشي بها حتى لو كانت إجراءً ثانوياً أو يتعارض مع ما لدى جهات أخرى من تعليمات أو حتى ترتيب الأولويات.
كل هذه مثبطات للأعمال التجارية وخصوصاً المنشاة الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال فإن تأثيرها أكبر ونتائجها أوقع وأكثر إيلاماً.
أما اليوم في عصر الرؤيا والتقدم التقني لا مكان لهذا العمل بتزويد الجهة المناط بها هذه المهمة باشتراطات كافة الجهات رسمياً، لتقوم الأخيرة بوضعها في الاعتبار وتكون من المكونات الرئيسة بل جزء من العمود الفقري لإصدار أي ترخيص أو أي إجراء أو إضافة تعليمات جديدة أو تحديث ما هو قائم لتكون جهة واحدة فقط يتعامل معها المستفيد بحيث لا يمكن الانتقال من خطوة إلى الخطوة التي تليها ما لم تنطبق عليها جميع تلك التعليمات وهناك عدة تجارب حية أثبتت نجاحها فعلى سبيل المثال وزارة التجارة سهلت الكثير على المستفيدين عند استخراج أو تجديد سجل تجاري إلكترونياً حيث ينجز خلال دقائق وتم ربط إنجاز التجديد أو الإصدار بسداد رسوم الجهات الأخرى مثل الغرفة التجارية والبريد السعودي من خلال نفس التطبيق.