عبد الله سليمان الطليان
في تعريف المورد للفَلْسَفَةُ: هي كَلِمَةٌ تَعْنِي فِي الأَصْلِ الْحِكْمَةَ، مَحَبَّةَ الْحِكْمَةِ، وصار يُقْصَدُ بها كُلُّ الأفكار الْمُسْتَنْبَطَةِ بِالْعَقْلِ وَإِعْمَالِ الفكر حول الموجودات ومبادئها وعِللها. والتي كان لها رواد في الماضي والحاضر من أبرزهم أرسطو وأفلاطون وكونفوشيوس وبوذا نيتشه وكانط وابن رشد، ما زالت أقولهم تردد إلى عصرنا الحاضر عند الحديث عن الفلسفة، والذي انصب أكثره حول الإنسان وعقله والرقي بفكره نحو الأخلاق وخاصة عند الفلاسفة الأوائل، لكن مع مرور الزمن تغير الحال فظهر فلاسفة عدة، حيث غير بعض هؤلاء الفلاسفة الواقع كثيراً بفعل أطروحاتهم التي جاءت بنواح إيجابية وأخرى سلبية، وهذه الأطروحات تشمل النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتاريخية.
سوف نكتفي هنا بمثالين فقط، الأول إيجابي ظهر على يد الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون الذي جعل فيها العلم يستقل عن الفلسفة استقلالاً تاماً, فراح يسخر من ادعاءات فلاسفة العصور القديمة والوسطى الذين كانوا يتصورن أن باستطاعتهم حل مشكلات العالم الكبرى بالتأمل النظري وحده، ويهاجم مفكرو العاجية الذين يعتقدون أنهم قادرون على فهم الطبيعة وما وراء الطبيعة باستخدام مجموعة من الاستدلالات اللفظية التي يتلاعبون بها ببراعة، ويظنون أن ما توصلهم إليه هذه ألاعيب اللفظية لا بد أن يكون حقيقة واقعة. ويطلب منا درس الطبيعة باستخدام حواسنا وعقولنا وتسجيل الملاحظة ووقائعها بأمانة، ويؤكد أن العلم الذي لا يقبل التطبيق العلمي بصورة من الصور لا يستحق أن يسمى علماً، التي طبقتها الدول الأوربية فكان لها الأثر الإيجابي في تطورها وتقدمها.
المثال الثاني السلبي جاء على الفيلسوف كارل بوبر الذي دعا إلى تطبيق منهج العلم العقلاني النقدي الفلسفي على المشكلات السياسة والاجتماع،كي تكفل للمجتمع طريقاً للتقدم، مثلما تكفل العلم التطبيقي بصنع تقدم مطرد، ولقد رسخ هذا في دعوته إلى مجتمع مفتوح غير منغلق وصب نقده على النزعة (التاريخانية) مفنداً كل حججها سواء اتشحت بسمة علمية أو لا علمية، وضد أصول المجتمع المنغلق، ويطرح رأيه القوي في أن أول صور التاريخانية هي الزعم بحتمية إياب اليهود إلى أرض الميعاد وهي أصول (الصهيونية) التي تمثِّل أشر المجتمعات المنغلقة رافضه للآخر وكذلك الرأي الآخر، ويصدح بعبارته البليغة الرائعة (كل الدعاوى العرقية والعنصرية شر مستطير، والصهيونية لا تستثنى من هذا) معترف وشاهد على أن الصهيونية ليست إلا دعوى عنصرية وأن أنكرت الأمم المتحدة هذا بسبب ضغط القوى الإمبريالية الغربية.