هادي بن شرجاب المحامض
تتفاخر الدول الغربية دائمًا بأنها حاملة لواء الديمقراطية، العدالة، وسيادة القانون. تُروّج لنفسها كنموذج مثالي يُحتذى به، وتستخدم هذه المفاهيم كأدوات للتدخل في شؤون الدول الأخرى تحت شعار «حماية الديمقراطية»، ولكن عندما نُمعن النظر في الأحداث التي تقع داخل هذه الدول، نجد تناقضات صارخة بين ما تدعيه وما تمارسه.
محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والمرشح الجمهوري الحالي للرئاسة تُعد مثالاً حيًا على هذا التناقض، فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تُعتبر معقل الديمقراطية في العالم، إلا أن مثل هذه الحوادث تعكس حقيقة معاكسة تمامًا، كيف يمكن لدولة تدعي أنها تحمي حقوق الفرد وحريته أن تشهد محاولة اغتيال لأحد أبرز قادتها السياسيين؟
الديمقراطية الحقيقية تستند إلى العدالة وسيادة القانون، ولكن في العديد من الدول الغربية نجد أن العدالة تُطبق بشكل انتقائي، وغالبًا ما تكون أداة بيد القوى السياسية لتحقيق مصالحها. في قضية ترامب يمكننا أن نلاحظ كيف أن الإعلام والدوائر السياسية تعاملت مع محاولة الاغتيال بشكل يثير التساؤلات. في حين أن القانون يفترض أن يكون فوق الجميع، نجد أن تطبيقه يختلف تبعًا لمصالح القوى المتنفذة.
وهناك أمثلة على النفاق الديمقراطي في الغرب:
1 - التدخلات العسكرية: تستخدم الدول الغربية شعار «حماية الديمقراطية» لتبرير تدخلاتها العسكرية في الدول الأخرى، العراق وليبيا هما مثالان واضحان على كيف يتم استخدام هذا الشعار لتحقيق مصالح استراتيجية واقتصادية، بينما تُهمل حقوق الشعوب التي تتعرض للدمار والفوضى.
2 - التمييز العرقي والديني: على الرغم من ادعاء المساواة والحرية، نجد في العديد من الدول الغربية حالات متزايدة من التمييز ضد الأقليات العرقية والدينية. الولايات المتحدة على سبيل المثال، شهدت في السنوات الأخيرة تصاعدًا في جرائم الكراهية والعنصرية، مما يعكس واقعًا بعيدًا عن الادعاءات المثالية.
3 - الفساد السياسي: فضائح الفساد التي تطال العديد من السياسيين في الغرب تكشف عن الوجه الآخر للديمقراطية المزعومة، فبينما يُطالب القادة بالشفافية والنزاهة، نجد أن الفساد مستشرٍ في أروقة السلطة، مما يفقد الثقة في النظام الديمقراطي ذاته.
محاولة اغتيال دونالد ترامب تُسلط الضوء على تناقضات الديمقراطية الغربية، إنه دليل صارخ على أن ما يُروج له من عدالة وديمقراطية في الغرب ليس سوى غطاء رقيق يخفي تحته مصالح ونفاقا. علينا أن نعيد النظر في هذه الادعاءات، وأن نبحث بعمق عن الحقائق التي تُظهر الوجه الحقيقي لما يسمى بالديمقراطية الغربية.