د. عبدالله بن راشد السنيدي
تعتبر إيران من أقرب الدول المجاورة للدول العربية، وبالذات دول مجلس التعاون الخليجي، فهي تطل على الضفة الشرقية للخليج العربي، وإيران ذات حضارة قديمة وكانت هي ودولة الروم في الشمال العربي هما اللتان تتسيدان العالم قبل ظهور دين الإسلام على يد محمد صلى الله عليه وسلم في القرن السادس، وكانت تتبع ديانة وثنيه إلى أن أنعم الله عليها بدين التوحيد على يد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد فتحه ما يُسمى حينها ببلاد فارس، وقد استفاد العرب بعد دخول إيران الإسلام من الثقافة الفارسية، فقد كان منهم العلماء في مجالات اللغة والأدب والشعر، بل والدين منهم البخاري ومسلم وسيبويه وابن المقفع وغيرهم، وكان لهم دور سياسي مهم أيام الخلافة العباسية، وفي عهد الشاه، كانت العلاقات مع دول الخليج مستقرة ولكنها ليست ودية، إلى أن قام الملك فيصل -رحمه الله- بزيارته التاريخية لإيران سنة 1968م، حيث حرّكت هذه الزيارة الجمود في العلاقات وقرّبت إيران من العرب، وقد رد الشاه -رحمه الله- ذلك بزيارة السعودية وهي أول زيارة له لدولة عربية، ثم مشاركته في قمة إسلاميه في المغرب، حيث التقى بالزعماء العرب ومنهم الرئيس المصري أنور السادات -رحمه الله- والذي أدي هذا اللقاء إلى تقوية العلاقة بين إيران ومصر والمغرب على وجه التحديد وبعد الثورة الإيرانية سنة 1979 شاب العلاقات الإيرانية العربية وبالذات مع دول الخليج نوع من التوتر بسبب عزم إيران تصدير ثورتها العقائدية للدول العربية المجاورة ومنها العراق، حيث اندلعت الحرب بين إيران والعراق واستمرت ثماني سنوات استطاع العراق بعدها أن يوقف إيران، حيث هي، وبعدها تدخلت إيران في لبنان وأنشأت حزب الله، وتدخلت في سوريا ضد الثورة السورية سنة 2011 ، وفي اليمن بدعمها للحوثيين في انقلابهم على الشرعية، وفي اعتدائهم على الأراضي السعودية، إلى أن حصل التوافق السعودي الإيراني في الصين والذي أدي إلى عودة العلاقات بين الجانبين ونزع فتيل التوتر بينهما، وهو الأمر الذي أدي إلى وقوف دول الخليج مع إيران بعد مقتل رئيسها إبراهيم رئيسي ووزير خارجيتها حسين عبد اللهيان وعدد من المسؤولين -رحمهم الله - في حادث الطائرة المشهور.
حيث أبدت المملكة العربية السعودية استعدادها للمساعدة بعد وقوع الحادث وبعد أن تبيَّن وفاة الرئيس الإيراني ومرافقيه، شاركت دول الخليج وبقية الدول العربية في تقديم العزاء، حيث أوفدت السعودية وزيرين من الأسرة المالكة الكريمة هما الأمير منصور بن متعب وزير الدولة عضو مجلس الوزراء ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، كما أوفدت دولة الكويت وزير خارجيتها عبد الله اليحيا كما قام سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- فيما بعد بالاتصال بالقائم بعمل الرئيس الإيراني وقدَّم له التعزية وأكد على الاستمرار في تقوية العلاقات بين البلدين في ضوء اتفاق الصين ولعل ذلك يفتح صفحة جديدة من التوافق والتناغم والتعاون بين دول الخليج العربية وجارتهم إيران لما فيه مصلحة للجميع.