د. محمد بن أحمد غروي
من المؤسف توالي أحداث إرهابية في ولايات ماليزية، اعتقلت على إثرها الشرطة الماليزية 20 شخصًا، وسط تخوف أمني وحكومي، من أن فكر الجماعات الإرهابية لا يزال على قيد الحياة، مما أثار مخاوف من امتداداتها لشن هجمات في جنوب شرق آسيا.
السلطات الماليزية بحاجة إلى تكثيف الأمن الفترة الحالية بحسب رأي مختصين محليين، وإن مقتل ضباط من الشرطة على يد شخص يعتقد أنه يحمل الجنسية الماليزية من أصل إندونيسي، يعد بمثابة جرس إنذار لأجهزة إنفاذ القانون فيها.
وإلى جانب توقيف العناصر الإرهابية، فإن ماليزيا تعمل على مكافحة تمويل الأنشطة الإرهابية وغسل عقول الشباب للانضمام إلى حركات التطرف. ووفقًا لتقارير أعدها مركز مكافحة إرهاب جنوب شرق آسيا، خلصت إلى أن الجماعات الإرهابية تستخدم ألعاب الفيديو على الإنترنت لتجنيد الشباب للانضمام إليها، مع توصيات ومطالبات بضرورة تفعيل قانون مكافحة الإرهاب لعام 2005 لضمان إجراء هذه المراقبة، وتفعيل التعاون مع الشرطة الدولية لمكافحة أخطار الإرهاب.
وبحسب دراسات مسبقة، فإن التهديد الأكبر الذي لا تزال ماليزيا تواجهه هو الهجمات التي ينفذها أفراد منفردون متطرفون أو خلايا لا مركزية، تترجم أفكارها من دون توجيهات، وهذا الصدد، لا يزال النشاط المؤيد لداعش على الإنترنت يشكل سببًا للقلق، وعلاوة على ذلك، لا يمكن تجاهل التهديد المتمثل في عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب من سوريا والعراق الذين يتمتعون بقدرات قتالية، فضلًا عن المقاتلين العائدين، فهناك محاولات لإعادة إحياء الجماعة الإسلامية في ماليزيا عبر جذب عناصر جديدة من طلاب الجامعات.
الخطر المحدق بماليزيا هو تعددية المجتمع الماليزي العرقي والديني، وتمثل قضايا العرق والدين مشكلة كبرى لهذا المجتمع، فالبعض يتخوف من أن إثارة هذه القضايا، والذي ربما قد يسبب انقسامًا بين أطيافه، حيث يعتقد أن القضايا المتعلقة بالدين والعرق والملكية على وسائل التواصل الاجتماعي قد تصاعدت عندما فرضت الدولة أمر مراقبة الحركة في عام 2020، وأدى هذا إلى تشكيل لجان خاصة تابعة لشرطة ماليزيا الملكية للتعامل مع القضايا التي تعطل الانسجام الوطني والوحدة العام الماضي، لتكشف الشرطة عن 62 حالة تتعلق بقضايا على المنصات الاجتماعية.
كما أظهر أحد استطلاعات الرأي الماليزية في عام 2018 أن 5.2 % من المشاركين يؤيدون داعش، بينما 18.1 % يؤيدون الجماعة الإسلامية، وبهذا سجلت ماليزيا أعلى الدرجات في هذا السياق مقارنة بدول المنطقة مثل إندونيسيا وتايلاند والفلبين. وفي مارس 2021 كشفت الشرطة الماليزية عن إحباطها مؤامرة من قبل متعاطف مع داعش لقتل رئيس الوزراء الماليزي.
وبين التوجه المتطرف والأنشطة الإرهابية، من المتوقع أن تعمل ماليزيا الفترة المقبلة على تشديد الرقابة على الخطاب المتطرف والأشخاص الميالين لتبني الفكر الإرهابي، وحتى لا تُكرر حادثة جوهور مرة أخرى لتظل كوالالمبور بعيدة عن قوى الإرهاب المظلمة.
في اعتقادي أن ماليزيا خطت خطوات مهمه في مكافحة التطرف وأهله والسعي إلى تبادل الخبرات مع دول الجوار والصديقة وعلى رأسها المملكة التي وقعت معها عددة اتفاقيات أمنية واستخباراتية مشتركة، فهدف وأد الإرهاب في البيان الأخير المشترك بين كوالالمبور والرياض يأتي بالتزامن مع زيارة رئيس وزرائها الذي أكد على أهمية العمل على تعزيز التعاون في مجال محاربة التطرف والغلو وخطاب الكراهية والإرهاب، ونشر ثقافة الاعتدال.