د. هيثم الصديان
مخيم «أبو الهول» الواقع في محافظة الحسكة السورية، في موقع قريب من قرية تُسمى (الهُوْل) على مقربة من الحدود العراقية.
وتذكر المراجع أنه أنشئ أول مرة لاستقبال النازحين العراقيين، أيام حرب الخليج سنة 1991. ثم أعيد افتتاحه مع غزو الولايات المتحدة للعراق، سنة 2003.
بيد أن المخيم تحول إلى سجن، يحوي مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وأُسرهم، الفارين من تنظيم الدولة، وكذلك الواقعون في الأسر بعد تفكيك التنظيم.
والمشكلة الإنسانية الكبرى لهذا المخيم، التي تنطوي على معضلة أخلاقية فاضحة، هي تكمن في الأطفال الذين يعيشون داخل هذا المخيم - السجن، ومعظمهم وُلد داخل أسوار المخيم، وهو لا يعلم ما ذنبه ليولد سجيناً. ويقدّر عدد الأطفال فيه بحسب سنة 2023 بنحو (50000) طفل، بنسبة تزيد على (50 %) من عدد سجناء المخيم، الذي تحتل فيه النساء النسبة الثانية بعد الأطفال.
ويقع هذا المخيم- السجن ضمن المنطقة التي تقع تحت سيطرة القوات الأمريكية من الأراضي السورية؛ ليكون وضعه القانوني والأخلاقي مشابهاً تماماً لسجن (غوانتانامو) من ناحية وضعه تحت تصرف السيادة الأمريكية وسلطتها العسكرية من دون أن يكون ضمن أراضي الدولة الأمريكية وداخل حدودها. وهذا بموجب فلسفة الأخلاق الأمريكية التي ترى أن في إبعاده عن أراضيها رفعاً للمساءلة القانونية والأخلاقية عن كاهلها حول الانتهاكات الحقوقية والإنسانية المفترضة. وكأن بها ترى الحلال والحرام لا مكان له ولا محاسبة عليه إلا على الأرض الأمريكية، أما ما عدا ذلك فقد أطلق الشيطان اليد الأمريكية فيه وحل لها من خصائص البطش والظلم والإبادة ما لا يحل لدولة غيرها ولا بشر لا يحمل الجنسية الأمريكية أباً عن جد.
أطفال مخيم «أبو الهول»:
هم مأساة العصر الصامتة.
وهم القنبلة النووية الثالثة في التاريخ الأمريكي التي تنتظر الاستخدام.
وهم الشهادة الأخلاقية الأعلى في جبين فلسفة الحضارة الأمريكية.
وهم وصمة عار في جبين الجنس البشري المعاصر.