د.عبدالعزيز الجار الله
أشرت في مقال سابق إلى (محافظة الحرم المكي) وإلى أن الأنظار تتجه إلى مكة المكرمة بعد إجراءات: تسهيل الحصول على تأشيرة العمرة والزيارة والسياحة، ووصول أرقام الزيارات والسياحة إلى الملايين خلال الشهر الواحد إلى مكة والمدينة، وذكرت أنه من المناسب إعادة النظر في التقسيمات والحدود الإدارية للمحافظات بمنطقة مكة المكرمة وبخاصة محافظة مقر الإمارة العاصمة المقدسة، عبر تحويل المنطقة المركزية الحرم المكي وما جاوره من مشروعات إلى محافظة مستقلة بذاتها تضم إلى محافظات منطقة مكة المكرمة لتكون المحافظة رقم (18) وتكون محافظة الحرم المكي مربوطة بالتبعية ومباشرة بإمارة مكة المكرمة، ومستقلة مثل المحافظات الأخرى بالميزانيات والإدارات والخدمات.
ومتى تحقق ذلك يمكن إضافات تليها منها تحويل المشاعر المقدسة إلى مدن ذكية ومستدامة على النحو التالي:
- تحويل مشعر عرفات إلى مدينة ذكية.
- تحويل مشعر مزدلفة إلى مدينة ذكية أو مربوطة بمدينة مشعر عرفات.
- تحويل مشعر منى إلى مدينة ذكية والاستفادة من قربها من المنطقة المركزية في الحرم.
هذه المدن الثلاث: عرفات ومزدلفة ومشعر منى تكون ضمن نطاق محافظة الحرم المكي المقترحة.وتركز على مصادر اقتصادية واستثمارية تحقق لها الاستدامة وخصائص المدينة الذكية من خلال التالي:
- الاستفادة من البيئة الطبيعية للتركيبة الجيولوجية والتضاريس، جبال الحجاز الجنوبية، والأودية، والسهل الممتد من شمال غرب الطائف نهاية جبال السروات، وبداية تشكل جبال الحجاز، وأبرز المعالم - الفج العميق - الذي ينفتح شرقا على هضبة نجد الفضاء السهل الذي يسمح بمرور الحركة والتنقل مابين مناطق نجد والرياض، وبين مكة المكرمة، عبر مفاصل (فاو) جبال السروات وجبال الحجاز.
- الاستفادة من تاريخ السيرة النبوية ومواقع سيرة النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم-، وصحابته -رضي الله عنهم- في المشاعر (عرفات ومزدلفة ومنى)، وتاريخ الخلافة الراشدة التي استمرت حتى عام 40 للهجرة الدولة الإسلامية قبل انتقال عاصمة الخلافة الراشدة من الحجاز إلى الكوفة في أواخر الخلافة الراشدة ثم دمشق في العهد الأموي، فقد كان للرسول العظيم -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام والتابعين مواقف وأحداث في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة يود الزوار مشاهدتها واسترجاع التاريخ، والتعرف عليها خارج أيام الحج، لتكون معالم تاريخية وبيئية يحرص المسلم أن يعيش أجواءها وبخاصة ممن هم بعيدين أو مختلفين جغرافيا عن بيئات غربي المملكة من دول العالم الإسلامي.
مدن المشاعر المقدسة ليست هي من المدن التقليدية والنمطية، ليست من مدن الإسكان والكثافة العادية بل مدن للزيارات، وهذا نمط متبع في بعض المواقع العالمية التي ارتبطت بظرف تاريخي وشعائر لعبادات، ومدن لها خاصيتها البيئية والتضاريس المميزة، لكنها لها خدماتها التقنية واللوجستية والاستثمارية لأقرب تجمع سكاني في نواحيها، وهذا متوافق مع مدن المشاعر.