مها محمد الشريف
بعد محاولة اغتيال دونالد ترامب تعالت أصوات ديمقراطية وجمهورية تدعو إلى نبذ العنف السياسي في الولايات المتحدة رداً على حادثة محاولة اغتيال الرئيس ترامب في بنسلفانيا، حيث أعادت الحادثة إلى الذاكرة حقبة تاريخية من العنف السياسي كانت قد أودت بحياة عدد من الرؤساء والشخصيات السياسية في الولايات المتحدة.
لطالما كان مفهوم الانتخاب والاقتراع إجراءات تستند على الاختيار السياسي القائم على الرأي، فأمريكا التي تملك القرار في العالم لم تستطع في هذا الحادث إدارة العشوائية وإخماد أصوات إطلاق النيران وسقوط زعيم سياسي على الأرض وهو ينزف ومحاط بعناصر الحراسة السرية، وقد تمثل هذه الحالة عمق الحرب الأهلية التي لا تستطيع الخروج منها سوى بإعادة تشكيل القوة وترميم القيادة القديمة واستبدالها، فقد أيقظت تلك المشاهد صدمات تاريخية خطيرة في ذاكرة الأميركيين وأعادت وفقاً لتقارير أميركية فتح فصل مظلم في قصة العنف السياسي لبلد يعاني بالفعل من تصدع عميق وحالة استقطاب كبيرة في موسم انتخابي محتدم تخيم عليه التحديات والانقسامات في كل مستويات الحكم.
والتقارير تؤكد أن صدمة محاولة اغتيال ترامب ستتسبب حتماً في عواقب سياسية خطيرة في دولة يستهلكها الغضب السياسي ونظريات المؤامرة، فيما تشير دراسات سابقة إلى أن الولايات المتحدة تتصارع مع أسوأ عنف سياسياً منذ السبعينيات، ومجريات الأمور في السياسات الأميركية، وبخاصة الانتخابية، تسير نحو مجرى غير اعتيادي متقلب متفكك، فهناك ظاهرة مؤثرة تفلت من كل أشكال القانون والقواعد التي تم تعريفها ولسوء الحظ ليس هناك من صيغة عامة تشمل مجموعة من الإجراءات التي تستند على الاختيار السياسي القائم على الرأي.
من هنا، لا يستطيع العالم أن ينفي الجدلية التي تربط الخاص بالعام والتي توجد في أساس كل أشكال الانتخاب، فالجميع ينتظر عودة أميركا إلى دورها المعهود في حماية الاستقرار الإقليمي والدولي. لكن المواجهة التي يخوضها المرشحان الأساسيان دونالد ترمب وجو بايدن قبل المؤتمرات الحزبية هذا الصيف أظهرت تقارباً في شعبية المرشّحين، ولكن تظل النتائج تتأرجح في مواقف الناخب الأميركي من جهة ملفات جوهرية كالاقتصاد والهجرة والدفاع عن الديمقراطية، ما يدل على سباق متقارب للغاية بين المرشحين إذا تم البعد عن شر التسلط الانتخابي الذي يصيب المؤسسات.
لكي تتمكن الأوساط السياسية من حل المشاكل عليها معرفة سياقها ومعطياتها الواقعية، علماً أن المشاكل ترتبط دائماً بظرف ناتج عن تطور الأوضاع والأحداث اللا متوقعة ودفع الوضع السياسي المنقسم في المجتمع الأميركي إلى تنامي العنف الذي يستهدف السياسيين وعائلاتهم، فكل جدل أو خلاف مهما كانت طبيعته يمكن أن يثير الرأي العام، والعداوة التي تعطي وجهاً خاصاً كالعنف والخوف السياسي الذي يجعل الساحات مسرحاً لنظريات المؤامرة التي تحفز الخصوم السياسيين على التنافر والهياج الشعبي، وهو أمر يضع البلد الديموقراطية الأكبر في العالم أمام أزمة معقدة.
في اللحظة التي يحتدم فيها الجدل أصبح ترامب المرشح الرئاسي الجمهوري الرسمي بعد حصوله على أصوات عدد كافٍ من المندوبين في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، فهل محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب زادت من تصاعد العنف السياسي في الولايات المتحدة أو زادت من شعبيته؟..