فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود
(وأنا أنبش في أوراقي القديمة، وجدت هذا المقال، وقد أضفت عليه تعقيباً، ربما يوصل رسالة ونحن على أبواب الأولمبياد، محتوى مهم في الـQR)
الروح الأولمبية والحلم الذي يداعب رياضيي العالم لمسناه في عالم الأقوى والأعلى والأسرع. كانت هذه الدورة مميزة، وحققت بكل فخر واعتزاز لمنظميها معنى كسب التحدي بالتخطيط والإستراتيجية الواضحة في النتائج، سواء على مستوى التنظيم أو الإنجاز الرياضي، وهكذا أثبتت الصين العظيمة أن الأمل يحقق الأحلام، كلما كان هناك إصرار وعزيمة على الاستثمار الحقيقي والدائم في الإنسان والبنى المقومة لتطوره وتقدمه.
الأولمبياد حلم كل رياضي، والأمل يكمن في إعطاء الفرصة، وإيجاد الإمكانات لمن لديهم الموهبة في أي من الألعاب الرياضية الأولمبية للوصول إلى القمة.
لو سئلت وفي اعتقادي أن الكثيرين -أيضاً- من محبي ومزاولي الرياضة: ما هو الحدث الذي تحلم أن تكون جزءاً منه في حياتك؟ لكان الجواب هو: المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية؛ لأنها تعكس الأنقى والأسمى والأرقى، فهي الحدث العالمي الوحيد الذي يجمع شعوب العالم بروح الأخوة والمساواة، ويعطي الإنسان فرصة المنافسة الشريفة أمام أنظار العالم بتحدي القدرة التي وهبها الخالق وطورها المخلوق.
ستة عشر يوماً بمحصلة ثلاثمائة واثنتين من الميداليات كان نصيبنا كعرب ثمانية منها، وكأمة إسلامية ست وثلاثون، فنحن أكثر من ربع العالم بما يفوق المليار وخمسمائة مليون نسمة، وكان هذا أكثر ما استطعنا الحصول عليه.
ألف وأربعمائة وخمسون يوماً تفصلنا عن الأولمبياد القادم، ربما لن تكون كافية لتواكب شعلة الأمل، ولكنها كافية لتشعل الأمل على الأقل في أنفسنا بأن نبدأ بدراسة إمكاناتنا ومعوقاتنا على ضوء ما تحقق، وما يمكن تحقيقه. كذلك بتكوين فريق عمل متخصص لبناء إستراتيجية واضحة المعالم، بأهداف ورسالة تبدأ بنا وتخدم أمتنا لترسم المسار للخمس عشرة والخمس والعشرين سنة القادمة.
شعلة الأمل يجب أن تُشعل ولا تُطفأ ما دام لدينا الإيمان بالله قبل كل شيء، ومقدرات إنسان أمتنا ممثلة في مكانته وإمكاناته. فلنبدأ بغرس المفهوم الرياضي من دور الحضانة مروراً بمراحل التعليم المختلفة، بهدف بناء الوعي والمنافسة، وليكن المحك المراحل الأخيرة من المستوى الثانوي والأولى من الجامعي.
لنبدأ مشروعاً حضارياً كبيراً يليق بإنساننا ومقدراتنا، ونحمل شعلته لينير مستقبل شباب أمتنا. ولنتكاتف جميعاً بقطاعاتنا المختلفة الخاصة والعامة لبناء مشروع الأمة في مدينة رياضية عالمية بطابع إسلامي على مدخل مكة المكرمة قبلة المسلمين، لتكون فيئةً لشباب العالم المسلم وغير المسلم، تحمل معاني رسالتنا السامية بمفاهيمها الإنسانية النقية الطاهرة التي تجسدها الروح الرياضية في إنساننا السعودي وإنسان أمتنا الإسلامية وإنسان عالمنا الذي نحن جزء لا يتجزأ منه.
لتكن مدينتنا مدينة الكمال تستوعب ما بين 7- 10 آلاف رياضي سكناً وتعليماً وتدريبا،ً وتحتضن أكبر مجمع رياضي عالمي على أرقى ما توصلت إليه الفنون والتقنيات المعمارية والتعليمية والتدريبية. مدينة المدن الرياضية وقبلة رياضيي العالم، وليكن استثمارنا الحقيقي من خلال إنساننا وبيئتنا وأرضنا، فهي الأمل الذي سيحقق حلمنا، لتكن المدينة الكاملة بالمقومات التي تبني الرياضي الأسرع والأعلى والأقوى، والإنسان الأنقى والأسمى والأرقى.
لا يساورني أدنى شك أن أقل من ثلاثة آلاف يوم كفيلة بأن تجعلنا في المقدمة، وهي مكانتنا متى توافرت الإرادة والإدارة الصادقة والأمينة، وتضافرت الجهود العامة الخاصة بناء على الإستراتيجية التي أسسنا عليها لتحقيق أحلام ما هو مؤمل منا، للوصول إلى أهدافنا التي رسمنا مسارها على أرض الواقع. ولتفسر الحقائق أحلامنا وتنير تحقيقها شعلة الأمل.
تعقيب:
كتب هذا المقال على أثر نتائج الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008م. وقد كان فاتحة خير لإنشاء «صندوق الفروسية» عام 2009م، الذي أثبت إمكانية تحقيق النتائج إذا وجد الدعم والإرادة ومكن بالإدارة القادرة. نتائج الصندوق من 2010 - 2012 حققت ثلاث ميداليات:
1- ميدالية فضية في ألعاب الفروسية العالمية 2010 للفارس عبدالله شربتلي بكنتاكي الولايات المتحدة الأمريكية.
2- ميدالية برونزية في أول أولمبياد الشباب 2010 للفارسة ديلما ملحس بسنغافورة.
3- ميدالية برونزية للفرق في الألعاب الأولمبية 2012 للفرسان الأمير عبدالله بن متعب، رمزي الدهامي، كمال باحمدان، وعبدالله شربتلي بلندن.
كما ساهم الصندوق بإعادة إحياء ما يسمى بطولة كأس الأمم تحت مسمى فروسية ليوسع المشاركات الدولية بعد أكثر من مائة عام. (Furussiyya Nations Cup)، كذلك ساهم في معارض عالمية للفروسية باسم المملكة العربية السعودية كقوّة ناعمة تحكي تاريخ الحصان.
2010 معرض «هبهة من الصحراء» بمتحف ليكسينقتون كينتاكي الولايات المتحدة الأمريكية.
2012 معرض «الحصان من الجزيرة العربية إلى أسكوت» بالمتحف البريطاني لندن إنجلترا.
والمسرحية العالمية «آخر الفرسان» عن مخطوط عباس باشا وعلاقته بالإمام فيصل بن تركي، التي عرضت بمدريد تحت رعاية ملك إسبانيا عام 2012م.