أحمد الدليان
البرمجة اللغوية العصبية هي طريقة منظمة لفهم تركيب النفس الإنسانية والتعامل معها بوسائل وأساليب محددة، حيث يمكن التأثير بشكل حاسم وسريع في عملية الإدراك، والتصور، والأفكار، والشعور، وبالتالي في السلوك، والمهارات، والأداء الإنساني الجسدي والفكري والنفسي بصورة عامة. حيث تتكون البرمجة اللغوية العصبية من مجموعة من التقنيات التي تهدف إلى تحسين التواصل الذاتي، وتطوير التفكير الإيجابي، والتغلب على العوائق النفسية من خلال فهم العلاقة بين اللغة والعقل والسلوك. يمكن استخدام تقنيات البرمجة اللغوية العصبية للسيطرة على الأفكار السلبية وتحويلها إلى أفكار إيجابية بناءة. كما يمكننا استخدام البرمجة اللغوية العصبية لتحويل النظرة السلبية إلى موقف أو فكرة معينة إلى نظرة إيجابية، عبر اتصال الشخص بذاته، سواء بالتفكير، أو الإدراك، أو التركيز أو العقيدة أو القيمة. هذا الاتصال بالعالم الداخلي يحدث أولاً قبل أن يتم إظهاره للعالم الخارجي. يمكن ذلك عبر الإدراك والتعلم والسيطرة على مهارات الاتصال الداخلي، وأن نبدأ بالبحث من الداخل، كما قال كونفوشيوس: «إن الشيء الذي يبحث عنه الإنسان الفاضل موجود في ذاته، أما الشيء الذي يبحث عنه الإنسان العادي فهو موجود عند الآخرين». عند تغيير أي شيء في حياتنا، علينا أن نحس بذاتنا في البداية ونركز على أعمالنا وردود أفعالنا، لتطوير قدراتنا على تفسير أفعالنا وتعليلها حتى الإحساس الكامل بالذات. من هنا يبدأ طريق التقدم في تحسين الذات، مما يساعدنا في التخلص من العادات السيئة في حياتنا وإرساء عادات جديدة أكثر فائدة لنا.
ومن تقنيات البرمجة اللغوية العصبية هناك النمذجة وهي عملية تقليد سلوكيات ومواقف الأشخاص الذين تود أن تكون مثلهم. يمكن أن يكون هؤلاء الأشخاص نماذج ناجحة في مجالات معينة مثل العمل أو العلاقات الشخصية. من خلال مراقبة وتكرار سلوكياتهم وأفكارهم، يساعد ذلك في تحسين أدائك وتطوير طريقة تفكيرك، كما قال أمرسون «إن العادة يا صديقي، هي ممارسة على فترات زمنية طويلة، تصبح في النهاية جزءاً من الشخص نفسه».
وهناك التصور الذهني وهي تقنية قوية تستخدم في البرمجة اللغوية العصبية لتصور النجاح والأهداف المستقبلية بشكل واضح ومفصل. يساعدك هذا في برمجة عقلك للتركيز على تحقيق هذه الأهداف. يقول الدكتور جوزيف ميرفي «النجاح يبدأ من الداخل، والتصور هو الوسيلة لإظهار هذا النجاح إلى الواقع» فيمكن أن نخصص وقتاً كل يوم لنصور أنفسنا نحقق أهدافنا ونشعر بالمشاعر الإيجابية المرتبطة بهذا النجاح.
وعندما تواجه أفكاراً سلبية، يمكنك استخدام تقنية التوقف لوقف هذه الأفكار على الفور واستبدالها بأفكار إيجابية. حيث إن الفكرة السلبية كالنار، كلما ركزت عليها ازدادت اشتعالاً، توقف وأطفئها بالتفكير الإيجابي، يقول الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله «التوقف عن التفكير السلبي هو بداية التفكير الإيجابي». لذا استبدل الفكرة السلبية بفكرة إيجابية أو بمشهد يعبر عن النجاح والسعادة.
وعند استخدام لغة تحفيزية وإيجابية يمكن أن يؤثر بشكل كبير على طريقة تفكيرك وشعورك، لأنه عندما تكون كلماتك إيجابية، فإنها تشحن الروح بالطاقة وتنير طريقك نحو النجاح، وتصبح كالنجوم التي تضيء طريقك في الظلام.
وهناك تقنية الربط وتستخدم لإنشاء رابط بين محفز معين وحالة ذهنية إيجابية. يمكنك استخدام هذه التقنية لتفعيل حالة ذهنية إيجابية عند الحاجة، يقول توني روبنز» الربط بين محفز وحالة ذهنية إيجابية هو مفتاح لتكرار النجاح في حياتك». لذا اختر دائماً محفزاً يمكنك استخدامه للعودة إلى حالة ذهنية إيجابية في أي وقت تشاء.
على أن التأمل واليقظة تعتبر تقنية تساعدنا في التركيز على الحاضر وتساعدنا في التحكم في الأفكار السلبية. من خلال ممارسة التأمل بانتظام، يمكنك تعلم كيفية مراقبة أفكارك دون الانغماس فيها، مما يسمح لك بالتحكم بشكل أفضل في استجابتك العاطفية.
وتعد البرمجة اللغوية العصبية (NLP) أداة فعالة للسيطرة على الأفكار السلبية وتعزيز التفكير الإيجابي. من خلال استخدام تقنيات مثل إعادة الصياغة، والنمذجة، والتصور الذهني، وتقنية التوقف، ونمط لغة التحفيز، وتقنية الربط، والتأمل واليقظة، يمكنك تحقيق تحسينات كبيرة في صحتك العقلية والنفسية، مما ينعكس إيجابياً على حياتك اليومية وأدائك الشخصي والمهني. تعتبر السيطرة على الأفكار خطوة أساسية نحو تحقيق النجاح والسعادة والرضا الذاتي.