عبده الأسمري
كتب جملته الاسمية من مبتدأ «الخير» وخبر «الصلاح» وبنى جمله «الفعلية» من فعل «الحسنى» فكان الضمير «المتصل» في «أفعال» الإحسان والفاعل «المرفوع» بالهمة في براهين «السداد» ومضامين «الاستشهاد».
وزع بشائر «الأمنيات» على عتبات «الضياء» وأهدى تباشير «الأولويات» أمام منصات «العطاء» في حصاد مكلل بالذكر وسداد مجلل بالشكر.
ترسخت سيرته ما بين «سرائر» البر و»بصائر» الأجر في منظومة من الإخلاص والأمانة ممتطياً صهوة «المعروف» حاصداً حظوة «العرفان»
سبر «أغوار» التجارة واجتاز «اسوار» الجدارة بنفس جادة وذات زاهدة موزعاً غنائم «الخبيئة» سراً في ثنايا «الاحتياج» وحاصداً مغانم «السمعة» جهراً في عطايا «الإنتاج»
إنه رجل الخير والأعمال الشيخ إبراهيم عبدالفتاح جليدان -رحمه الله- أحد أبرز أعيان المجتمع ورجال التنمية والمحسنين في الوطن
بوجه مديني أصيل تطغى عليه علامات «الزهد والجد» وتقاسيم مألوفة مسكونة بالسكينة والطمأنينة تتشابه مع أسرته وملامح مسجوعة بالود ومشفوعة بالتواد وعينان تدمعان حين «الرحمة» وتسطعان حيث الهمة وأناقة وطنية تزهو بالبياض الساطع الذي يتوافق مع سريرته النقية التقية ومحيا عامر بالفضل وغامر بالنبل وكاريزما قوامها حسن الخلق ومقامها محاسن الصفات وشخصية أصيلة الحضور باهية التواجد زاخرة بجميل القول وأصيل الفعل وصوت مزيج من لهجة «مدينية» تنطلق من مخزون «النشأة» ولغة «وطنية» تتوارد من مكنون «التنشئة» وعبارات فصيحة تستند على خبرات «السنين» وتتعامد على اعتبارات «اليقين» تتكامل في مقام رجل مؤثر بالسخاء في اتجاهات العون ومجالات الغوث وكفوف «بيضاء» تمد «الخير» وراء ستار «السر» وتسد «العجز» أمام أبواب «البر» ووطنية «مذهلة» أكملت «فراغ» البدايات بروح «المهني» وبوح «الوطني» قضى جليدان من عمره عقودا وهو يرسم «خرائط» التنمية ويبهج منصات «الوطنية» ويملأ «أرصدة» الإنجاز بعوائد الإنسانية كمسؤول حكومي وفاعل خير ورمز إحسان وضع اسمه في «قوائم» الكبار وترك صيته في مقامات «الاعتبار» بحقائق الأثر ووقائع التأثير.
في المدينة المنورة منبع الطهر ونبع التقى ولد عام 1346هـ في منزل عامر بالدين ومعمور بالتدين وسط أسرة توارثت «حب الخيرات» و»نشر المسرات» وتناقل «جيران» المكان المقدم المبارك بعبير «الفرح» وأثير» السرور».
تربى جليدان في كنف «أب» وجيه ملأ قلبه بموجبات «التربية» وعزائم «الانضباط» وأم «كريمة» غمرت وجدانه بدعوات «التفوق» وابتهالات «التوفيق» فنشأ في أحضان «المودة والبهجة» وارتهن إلى توصيات محفزة ووصايا معززة جعلته حاضراً منصتاً في مجلس والده «العامر» بأهل التقوى ورجال العلم وصناع المعرفة.
ركض مع أقرانه بين أحياء الأغوات وأزقة الطيار والقشاشي واللبان وباب المجيدي وأحواش الحارات المختلفة مخطوفاً إلى تكبير «الزائرين» للمسجد النبوي الشريف وتهليل «القادمين» إلى الحجرة النبوية الشريفة وانطبعت في ذاكرته «الغضة» الصور البصرية المبهجة لمناظر «حمام الحرم» و»باعة الهدايا» وأصوات «العابرين» على عتبات «السفر» و»السائرين» إلى ساحات «التعبد».
تعتقت نفسه بالألحان السماوية في صلوات «المسجد النبوي» وتشربت روحه المقامات الحجازية في تلاوات «جامع قباء» فولى وجهه شطر «الالتزام» المبكر الذي رسم له «حظوظ» الفلاح وغمر وجدانه برياحين «الروحانية» التي مهدت له دروب «الطاعات» وطرائق «الصالحات».
أنصت طفلاً لنداء «التمني» في حضرة والديه وظل يشبع مساءات «الأسرة» بأمنيات الغد الباكرة متجاوزاً فرضيات العمر وافتراضات الانتظار وظل يؤنس نهارات عشيرته بالمصابرة والمثابرة وتعلم «المتاجرة» في دكاكين «الحي» صباحاً والمكوث مساءً بين أيدي «علماء» طيبة الطيبة لينهل من معين دروسهم تحفيظ القرآن الكريم وتفسير آيات البيان وعلوم التوحيد والحديث والفقه.
درس وتعلم وكان حريصاً على تعلم المهارات وفهم المعلومات واستيعاب كل ما يقع أمام نظريه من معارف وعندما وصل عمره 18 عاماً أشرف على تنفيذ أول مستشفى بالمدينة المنورة بدعم سخي من الملك عبد العزيز رحمه الله وكان أول كيان صحي يخدم الأهالي والزائرين وقد ذاع صيته نتيجة همته العالية ونبوغه المتواصل وتميزه العملي حيث صدر قرار بتعيينه بالمكتب الخاص بوزارة الخارجية بجدة ونظراً لحاجته أن يظل بجوار والديه والقيام على خدمتهما فقد عاد إلى المدينة المنورة وتم تعيينه مديرًا لمطار المدينة المنورة عام 1366 وقد قام بجهود مباركة ومميزة من خلال تطوير عمل المطار ورفع إنتاج مكتب الخطوط السعودية.
بعد سنوات من العمل في القطاع الحكومي غير جليدان بوصلة اهتمامه ونشاطاته إلى العمل التجاري وتخصص في قطاع المقاولات والعقارات.
وفي عام 1380هـ قام مع الشيخ عبد العزيز أحمد ساب بتأسيس صندوق البر وبمشاركة مع نخبة من وجهاء وأعيان المدينة المنورة وبعد جهود جبارة متواصلة تحول الصندوق إلى جمعية للبر شكلت قطاعاً خيرياً واجتماعياً فريداً أسهم في تسخير المال والإمكانات وتوظيف المقدرات في فعل الخير والإحسان.
وقام بتقديم مبادرته مع أمير المدينة المنورة آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمه الله لتأسيس أول جمعية خيرية من خلال إنشاء مراكز الأحياء والعمل على إصلاح ذات البين.
وفي عهد الملك فهد رحمه الله اختير من ضمن 30 عضواً بمجلس الشورى.
انتقل الشيخ إبراهيم جليدان إلى رحمة الله في شهر ربيع الآخرة عام 1430هـ عن عمر يناهز 84 عامًا بعد سجل حافل بالعمل الدؤوب والسخاء المستمر وصلى عليه بالمسجد النبوي الشريف.
وقد نعته الجمعيات والجهات والقطاعات المختلفة التي طالما أرسى فيها «دعائم» الإعانة وأقام فيها «صروح» الإغاثة وأضاء وسطها «مشاعل» المبرات و»قناديل» الخيرات وبكته «الأنفس» التي أهدى لها «جبر الخواطر» وودعته «الأكف» التي مضت ترفع له «صادق الدعاء».
وقد فقد المجتمع «المديني» برحيله رجلاً صادقاً صدوقاً مخلصاً لدينه وقيادته ووطنه شغوفاً بأعماله ونشاطاته ومهماته.. عطوفاً على المحتاجين محباً للمساكين عضيداً للفقراء.. وظل طوال حياته فاتحاُ قلبه قبل داره ليقضي الحاجات ويجبر العثرات ويفرج الكربات في مواقف ووقفات ترسخت في شهود «الخلائق» وشواهد «الحقائق».
وخصصت له جائزتان باسمه وهما جائزة الشيخ إبراهيم جليدان للموظف المتميز في جامعة الأمير مقرن وجائزته السنوية للتفوق الدراسي لأبناء جمعية تكافل الخيرية.
ترك جليدان من خلفه «ذرية» صالحة فالحة رفعوا «الراية» من بعده وأكملوا الطريق وراء لوائه وأتموا «الغاية» بعد رحيله للسير على وصيته والاستمرار على نهجه.
إبراهيم جليدان.. وجيه المجتمع ووجه الإحسان ورمز العطاء الخيري وأنموذج السخاء التنموي صاحب السيرة البيضاء الزاهية بالمكارم والباهية بالفضائل.