ياسر المعارك
المتابع لمنشورات بعض المنظمات ومنسوبيها عبر صفحاتهم في وسيلة التواصل الاجتماعي LinkedIn سيلاحظ ضعف أداء إدارات التواصل الداخلي وانحرافها عن مسارها الصحيح بشكل جلي لتكون ظاهرة مقلقة تجتاح عالم المنظمات، حيث اتسم أداؤها بسوء التخطيط، وضعف التنفيذ، والهدر المالي، من خلال تركيزها على إقامة فعاليات الترفيه، والإسراف في تقديم الهدايا، وذلك على حساب دعم الأهداف الإستراتيجية للمنظمة، مما أدى إلى فقدان قيمة التواصل الداخلي وأهميته كأيقونة للتمكين و التغيير والتحول داخل المنظومة.
حيث يُفترض أن تلعب إدارات التواصل الداخلي دورًا محوريًا في تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمنظمة، إضافة إلى تحسين بيئة العمل، والاندماج الوظيفي بخلق شعور الانتماء والولاء، ومواكبة آخر التطورات والمتغيرات ذات العلاقة بأعمال المنظمة، إضافة إلى توفير قنوات استماع للموظفين لطرح استفساراتهم وطلباتهم، ومن أبرز المبادرات والبرامج الاتصالية الفعالة لإدارات التواصل الداخلي التي تحقق أهدافها الرئيسة على سبيل المثال، إقامة لقاء (افتراضي) ربع سنوي بمشاركة صناع القرار بالمنظمة، يتم خلاله استعراض مؤشرات الأداء الإستراتيجية، والتركيز على نقاط الضعف التي يجب العمل على تقويتها، وإطلاع الموظفين على أبرز المستجدات، وفتح باب الحوار مع الموظفين، إضافة إلى إطلاق نشرة (إلكترونية) داخلية، بمحتوى إبداعي ورسومات توضيحية، يمرر من خلالها رسائل ذكية تسهم في تغيير القناعات والاتجاهات والتعريف بدور المنظمة ومبادراتها لإستراتيجية المنبثقة منها إضافة إلى تعزيز الوعي بالتعاميم والتعليمات الرسمية، وتغطيات لأبرز الأنشطة والفعاليات، كما يمكن أيضاً إرسال رسائل أسبوعية تحفيزية للموظفين، تربط بأبرز الإنجازات التي تم تحقيقها مدعومة بالمعلومات والأرقام، وشرح للأنظمة والقوانين ذات العلاقة لترفع وعي الموظفين لتحقيق التغيير الإيجابي بحدود ضوابط العمل وأنظمته ولوائحه، كما يمكن تنظيم لقاءات افتراضية متخصصة لكل قطاع في المنظمة ليتمكن من شرح المهام والأدوار الرئيسة وتعزيز التعاون والتكامل مع القطاعات الأخرى للحصول على الدعم اللازم، إضافة إلى ما سبق يأتي من أبرز المبادرات إقامة اللقاء السنوي الاجتماعي لمنسوبي المنظمة، ولقاء الإفطار الرمضاني، وهي فرصة لتقوية روابط فرق العمل، بعيدًا عن ضغوطات الحياة والأعمال اليومية، ويمكن من خلالها استثمار الاجتماع بتمرير رسائل مهنية وإبراز إنجازات تساعد على دفع عجلة الإنجاز إلى الأمام.
ختامًا التواصل الداخلي ليس مجرد ترفيه، ونجاحه لا يقاس بالإسراف في تقديم الهدايا، بل هو أداة إستراتيجية فعالة لتعزيز المشاركة والإنتاجية والابتكار، من خلال التركيز على الأهداف وابتكار البرامج الاتصالية، لإحداث التغيير الإيجابي داخل المنظمة، وذلك عبر الابتكار في الأفكار وتقديم مبادرات ومنتجات ذات اثر إستراتيجي، تبدأ بقدرة المختصين في تلك الإدارات على وضع أهداف واضحة وقابلة للقياس، واستخدام مزيج من قنوات التواصل، وإنشاء محتوى جذاب هادف ومُفيد للموظفين، وقياس نتائج برامج التواصل الداخلي لإجراء التعديلات اللازمة لتحسينها.