د. محمد بن أحمد غروي
يعمل الاقتصاد الأزرق على استدامة الموارد المائية، وضمان بقائها للأجيال القادمة، وهو مصطلح يستخدم لوصف الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالمحيطات والبحار، وتشير التقديرات إلى أن قيمته العالمية تتجاوز الـ 1.5 تريليون دولار أمريكي سنويًا، كما يوفر أكثر من 30 مليون فرصة عمل، أضف إلى ذلك، أنه يُمثل مصدرًا حيويًا للبروتين لما يزيد عن ثلاثة مليارات شخص.
وتبرز التقارير الاقتصادية أن اعتماد منطقة رابطة أمم جنوب شرق آسيا على اقتصادات المحيطات والمياه الداخلية أعلى بكثير من اعتماد معظم المناطق الأخرى حول العالم، إذ تساهم هذه الاقتصادات بحصة كبيرة تتراوح بين 20 % إلى 30 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لبعض بلدان جنوب شرق آسيا، كما تضع عدد من دول آسيان سياسات وخططاً تستهدف تأصيل مفهوم الاقتصاد الأزرق في اقتصاداتها، فضلًا عن إطلاق إطار عمل دول آسيان للاقتصاد الأزرق في العام الماضي.
يُعد الاقتصاد الأزرق محركًا مستقبليًا واعدًا للنمو من خلال خلق فرص العمل في القطاعات الناشئة كتربية الأحياء المائية والطاقة المتجددة والسياحة، وتعزيز التنويع الاقتصادي، مما يؤدي إلى اقتصاد أكثر مرونة، إلى جانب تعزيز الأمن الغذائي، فيمكن لقطاعي المحيطات والمياه الداخلية توفير الغذاء الوفير في جميع أنحاء المنطقة، وتعزيز الابتكار التقني، كالتكنولوجيا الحيوية البحرية وحلول الطاقة.
تبرز أهمية الموارد المائية والاقتصاد الأزرق في دول جنوب شرق آسيا على نحو خاص، نظرًا لما لدى المحيطات والبحار من مساهمة في اقتصادات والنظام الغذائي والحياتي لهذه الدول، ورغم ذلك تختلف مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير، حيث يقارب الناتج المحلي من موارد بعض دول آسيان إلى الثلث، وتشير التقارير الاقتصادية أن اعتماد رابطة أمم جنوب شرق آسيا على اقتصادات المحيطات والمياه الداخلية أعلى بكثير من اعتماد معظم المناطق الأخرى حول العالم، حيث يمر أكثر من 90 % من التجارة العالمية عبر محيطات العالم وعبر نهر ميكونغ
وتقوم رابطة أمم جنوب شرق آسيا على نهج متكامل وشامل ومشترك بين القطاعات وأصحاب المصلحة؛ لخلق قيمة مضافة وسلسلة قيمة للموارد من المحيطات والبحار والمياه العذبة بطريقة شاملة ومستدامة، مما يجعل الاقتصاد الأزرق المحرك الجديد للنمو الاقتصادي المستقبلي لـ(آسيان). إدراكًا منها لكونه بديلًا للنمو مع الحفاظ على الاستدامة، كما أيد قادة هذه الدول، في قمتهم السابقة على التزام بلدانهم بالتعاون الإقليمي في الاقتصاد الأزرق، والعمل على قيم مرنة شاملة مستدامة.
وعلاوة على ذلك، يدعم الإطار رؤية مجتمع الآسيان لعام 2025، حيث يتضمن استراتيجية حيادية الكربون فيها، وخطة العمل الإقليمية لرابطة أمم جنوب شرق آسيا لمكافحة الحطام البحري في الدول الأعضاء، كما يهدف إلى توجيه مبادرات الاقتصاد الأزرق في رابطة دول جنوب شرق آسيا، مع تشجيع التكامل والتعاون الإقليمي، وتعزيز قدرة الرابطة على تعظيم الاستخدام المستدام للمساحات المائية.
وفي هذا الإطار، خصص بنك التنمية الآسيوي إنشاء مركز تمويل جنوب شرق آسيا لدعم المحيطات والاقتصاد الأزرق؛ لتطوير وتمويل المشاريع الزرقاء، بهدف إنشاء مشاريع قابلة للتمويل بملايين الدولارات؛ لتحفيز رأس المال المضاعف بثلاثة أضعاف على الأقل من مصادر أخرى، من أجل محيطات زرقاء واقتصادات مستدامة، والحفاظ على التنوع البيولوجي ومشاريع الاقتصاد البحري بما يصل إلى 5 مليارات دولار من عام 2019 إلى عام 2024.
لازال مفهوم الاقتصاد الأزرق حديث الولادة إذ يقابله تحديات جمعة مثل التدهور البيئي وتغير المناخ، والتي تم تسليط الضوء عليها في وثائق إستراتيجية أخرى. ولابد من إستراتيجيات لتطوير الاقتصاد الأزرق في آسيان خصوصًا في مجال التنمية الصناعية، والاستدامة، والأمن الغذائي.