عبدالله سعد الغانم
لقلبُ مخلوق ضعيفٌ كبيرٌ، ضعيفٌ في حجمه فهو مضغةٌ صغيرةٌ لا تأخذ إلا حيزًا صغيرًا من جسم الإنسان وكبيرٌ بأحاسيسه إنْ حبًا أو كرهاً إنْ فرحًا أو حزناً إنْ أملاً أو ألماً، وصلاح حال صاحبه مرهونٌ بصلاح قلبه، ونقاؤه أو تلوثه يظهر على فلتات لسان صاحبه أو يبدو على وجهه، فيشرق وجهه أو يكسف فيكون ارتياحُ من يقابله أو عدم ارتياحه، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إذا حُسنت السرائر أصلح الله الظواهر»، وكم يُعاني هذا المخلوق الضعيف من بعض حامليه الذين يُكرِهونه على التلوث بالأمراض كالحقد والحسد الدافعان للسب والشتم والقذف والتعدي بالضرب، وهذه هي منكرات الأخلاق التي دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الله تعالى أن يجنبه إياها فقال: «اللهم جنبني منكرات الأخلاق». منكرات الأخلاق تسبب القلق في المجتمع وتُحدِث الفرقة ويحصل الشقاق وتحل قطيعة الأرحام ويتعادى الإخوان، وإنك لتعجب ممن يسلكون هذا المسلك السيء كيف يُقصِّرون حياةً قصيرة؟! لماذا يُعذِّبون أنفسهم ويُهلكونها بمثل هذه الأمراض المعنوية الكريهة؟! لِمَ لا يسعون إلى تطهير قلوبهم من هذه الأمراض بذكر الله تعالى والإكثار من تلاوة القرآن وذكر الموت؟! قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)، قال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - : لو طُهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم»، لِمَ لا يُدركون أنَّ مُثير هذه الأمراض هو الشيطان عدونا المبين الذي حذَّرنا منه ربنا في كتابه فقال عز من قائل: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)، وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء).
وهنا أختم هذه الخاطرة بهذه الهمسة الشعرية التي كتبتُها في هذا الشأن فقلتُ:
نظافةُ القلبِ ما كانت بصابونِ
أو جُرعةٍ من دواءِ الغربِ والصينِ
وإنما بالتقى وخوفِ خالقنا
وتركِ شرٍّ وشيطانٍ ومأفونِ
يكيدُ إبليسُ بالأغرارِ مُبتغيًا
تفريقَ جمعٍ وتشويهًا لمحسونِ
فيُسْلِمون لإبليسٍ قيادَهمُ
فيسقطون بحمأ السوءِ والهونِ