طفلة النفيعي
منذ القدم، والملبس ضرورة للإنسان كغيره من ضروريات الحياة من مأكل ومسكن وغيرهما. وتطور تاريخ اللباس ليرتبط في العقود الأخيرة بالموضة وعالم الأزياء والتصاميم.
في البدء ارتبطت الحاجة إلى الملبس، وذلك للوقاية من الأحوال الجوية كالبرد والحر. فتطور اللباس من مجرد جلود الحيوانات وصوفها وفرائها وريشها إلى ملابس يحيكها ويتفنن في خياطتها أمهر الخياطين والخياطات والمصممين على المستوى المحلي والعالمي. وقد كان للثورة الصناعية أثر كبير في تطورها وتنوعها وذلك بتداخل ثقافات الشعوب عن طريق السياحة والتجارة والثقافة.
وقد ورد بعض أنواع وأسماء الملابس والأقمشة بشكل صريح في القرآن الكريم، مثال على ذلك:
الحجاب..
الخمار..
الجلباب..
أما القميص ورد ذكره ثلاث مرات في سورة يوسف وأيضا ورد ذكر:
اللباس..
الاستبرق..
السندس..
والحرير الذي كان يلبسه نساء الطبقة المخملية.
وقد وصف الشعراء جمال وألوان الأقمشة وأسمائها؛ حيث يقول: شاعر شقراء وأميرها في عصره عبدالرحمن البواردي:
يوم قالو ورا خلك خضر
يحسبون الخضر مهوب غالي
قرة العين شوفى للخضر(1)
إلى أن قال:
إن مشى لابس الثوب الخضر
طاح ما في يدي واعزتالي
منك يالا بس الثوب الخضر
يوم انا وانت من خامس شهر
ما جفيتك ولا بان الجفالي
ما حصل منك يوم في العمر..!
والخضر هو الشخص الأسمر «المملوح»
وبلغة العصر صاحب البشرة (البرونزية) التان
ويقول شاعر الغزل الرقيق والتصوير البديع والعاطفة الجياشة شاعر الكويت الكبير سليمان الهويدي- رحمه الله:
ياحبيبي يا نظر عيني يا زرع قلبي وبستانه
حلوه عليك السباهيني ويزها المقمش بذرعانه
- السباهيني - المقصود فيها الملابس الجميلة
- المقمش: هو نوع من اساور الذهب الثمينة
وبالمناسبة الشاعر سليمان الهويدي هو صاحب قصيدة:
صاحبي يلبس البرقع ما هي عادة له
مير أخذ سلم جيرانه وصارت طبيعة
هيه يا اللي موصيكم على برقعٍ له
وسعوا قرضته ترى عيونه وسيعه
فصلوا له حريرٍ ناعمن ما يمله
حيث بشرة خدوده بالتأثر سريعة
وقد ذُكر الثوب المشجر في الشعر النبطي والمشجر من الأقمشة المفضلة لدى كثير من النساء، وأنا منهن لجمال، وتناسق ألوانه الأخاذة والتي تسر الناظرين.. جاء ذكره في قصيدة مشهورة للشاعر غازي بن جبر السيحاني ومنها:
ياحلو زوله يوم لبس المشجر
كنه شنا جزر مع اللي يشيله
ما يلبس إلا كل ثوبٍ مشجر
ياطأ بمصبوب القدم في شليلة
أما شاعر الغزل العذري الشاعر العلم عبدالله بن سبيل -رحمه الله- الذي اشتهر في الجزيرة العربية لدقة الوصف والصور الجمالية في شعره وقصائده وأستطيع أن أسميه ، كرأي شخصي، شاعر الحاضرة والبادية لحبك وجودة قصائده بشكل دقيق في وصف البيئة ذات الاختلاف الكبير.
العصر يوم القصر مالت فياياه
في سوقنا الثوب الحمر وقَّفت به
تجر ثوب البز.. واعظم بلواه
لو كان قلبي ممحل ربَّعَت به
ياتلّ قلبي تلة الغَرب لرشاه
على زعاع حايل صدَّرَت به»
وأما حفيد ابن سبيل الذي ورث الشعر عنه جده الشاعر والإعلامي محمد بن عبدالعزيز بن سبيل فله قصيدة جميلة وطريفة، جاء منها:
لقيت إني حظيت بمثل هذي في وفاها
هذي اللي في خيالي كنت راسمها وهاوي
أجمل أصوات النسا بالكون لا سمعي تناها
حين قالت هاه..في قلبك مضاوي وش تساوي؟
إلى أن قال:
كل يوم يمر أهيم بحبها وأشكي جفاها
مثل غصنٍ عنه منع الماء وصار أصفر وذاوي
ليتي أدري بنت من؟ كان أتقدم لأولياها
ما أعرف غير أسمها والجسم والثوب السماوي
أما أنا أيها القراء الأعزاء، وخاصة ونحن في إجازة الصيف التي تكثر فيها مناسبات الأعراس والأفراح والليالي الملاح عند الأقارب وفي مجتمعنا السعودي الكريم وعلى امتداد وطننا الحبيب لازلت أبحث عن ذلك «الثوب المدقق»! الذي ذكره المهندس سعد المعجل في كتابه الرائع (الصناعة كما عشتها) وإن هذا النوع من الأقمشة اشتهر عند سكان مدينة الرياض قبل خمسين عاما من الآن فلعلي أجده.
وفي الختام، لنتذكر سويا قول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (26) سورة الأعراف.