د. أحمد محمد القزعل
التّفكير النّقديّ هو مجموعة المهارات والمعايير الّتي تُستخدم لتقييم المعلومات والأدلّة بموضوعيّة، مع القدرة على التّفكير بوضوح ومنطقيّة، ويشمل التّفكير النّقديّ عمليّات التّحليل الّتي غايتها فحص وتفكيك المعلومات إلى مكوناتها الأساسيّة لفهم بنيَّة فكرة ما، وكذلك عمليّات التّفسير والتّقييم والاستدلال الّتي من شأنها شرح معاني الأفكار بوضوح والحكم على مصداقية وقيمة المعلومات بناءً على الأدلّة والمعايير المنطقيّة، واستخدام المنطق للوصول إلى استنتاجات مبنية على الأدلّة المتاحة، وكما يشمل التّفكير النّقديّ عمليّات التّنظيم والانفتاح الفكريّ الّتي تعمل على ترتيب الأفكار والمعلومات بشكل منظّم، والاستعداد للاستماع إلى وجهات نظر مختلفة ومراجعة الأفكار الشّخصيّة بناءً على الأدلّة الجديدة.
أمّا التّفكير الأدبيّ فهو القدرة على قراءة وتفسير وتحليل النّصوص الأدبيّة بعمق وفهم الرّموز والأساليب البلاغيّة المستخدمة فيها، ويشمل التّفكير الأدبيّ عمليّات التّحليل الأدبيّ والتّفسير النّصيّ والتّقييم الجماليّ، فتفهم من خلال هذه العمليّات العناصر الأدبيّة مثل: الحَبْكَة والشّخصيّات والموضوع، وتتوضّح القدرة على تفسير المعاني الضمنيّة والمجازيّة في النّصوص الأدبيّة، مع الحكم على جودة وجمال النّص الأدبيّ بناءً على الأسلوب البلاغي، كما ويشمل التّفكير الأدبيّ عمليّات النّقد الأدبيّ والتّفاعل الشّخصيّ وفهم تأثير السّياق التّاريخيّ والاجتماعيّ على النّص الأدبيّ ومعانيه، فيستطيع الشخص من خلاله الرّبط بين النّص الأدبيّ والتّجارب الشّخصيّة والقيّم الثّقافيّة، مع القدرة على تقييم النّصوص الأدبيّة من خلال نقدها بناءً على معايير أدبيّة معيّنة.
هذا ويمكن من خلال التّفكير النّقديّ التّمييز بين المعلومات الموثوقة وغير الموثوقة، واتخاذ قرارات مستنيرة، وبالتّالي تعزيز القدرة على التّفكير المستقل وحلّ المشكلات بفعالية أكبر.
كما أنّ التّفكير الأدبيّ يعمّق فهم الطلّاب للأدب والثّقافة، ويعزّز القدرة على التّفسير والتّحليل، ويدعم تقدير الجمّال الفنيّ والأدبيّ، وبالتّالي يشجع على التّفكير الخلّاق وفهم الإنسانيّة بشكل أعمق.
ولا بدّ من أجل تعزيز التّفكير النّقديّ والأدبيّ في التعليم من تنمية مهارات التّفكير النّقديّ وتعزيز القدرات الأدبيّة والفنيّة لدى الطلاب، وإعداد الطلّاب للتّفكير بعمق وتحليل النّصوص والمعلومات بفعالية، وضرورة دمج التّفكير النّقديّ في جميع المواد الدراسيّة والعمل على دراسة الأدب بطريقة تفاعليّة من خلال استخدام النصوص الأدبيّة كأداة لتعليم مهارات التّفكير النّقديّ، وتحليل النّصوص الأدبيّة من خلال مناقشة عناصر الأدب المختلفة (الحَبْكَة، الشّخصيّات، الرمزية)، واستخدام منصّات التّعلم عبر الإنترنت لتعزيز مهارات التفكير النقدي، مثل المناقشات عبر الإنترنت وأدوات العصف الذهني الرّقمي...
ومن نافلة القول: فإن التّفكير النّقديّ ينمي مهارات التّحليل المنطقيّ بينما يعزز التّفكير الأدبيّ القدرات الإبداعيّة والجماليّة لدى الطلّاب، ممّا يساهم في إعدادهم بشكل أفضل للتّعامل مع تحديات المستقبل بفعالية وإبداع.