عايض بن خالد المطيري
شهدت وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة ظاهرة متزايدة تتمثل في قيام بعض المشاهير وبعض الأشخاص بالترويج للسياحة الخارجية بشكل مبالغ فيه، دون مقابل أو طلب من الدول التي يتم التسويق السياحي لها.
تأتي هذه الظاهرة في وقت تتجه فيه المملكة العربية السعودية بقوة نحو تعزيز السياحة، بعد فتح التأشيرات السياحية والسعي لجذب السياح من جميع أنحاء العالم لزيارة مواقعها السياحية الغنية والمتنوعة. لا يخفى على الجميع أن السعودية قد خطت خطوات واسعة نحو تطوير السياحة الداخلية من خلال إطلاق العديد من المشاريع السياحية العملاقة والترويج للمعالم والآثار السياحية التي تتميز بها المملكة، من مدائن صالح والدرعية التاريخية إلى السواحل الجميلة للبحر الأحمر والمناطق الجبلية في منطقة عسير ومنطقة الباحة وجبال فيفا، وجزر فرسان وغيرها. ومع ذلك، يبدو أن بعض المشاهير والشخصيات العامة يفضلون تسليط الضوء على تجاربهم السياحية الخارجية، متجاهلين بذلك الجهود المبذولة لتشجيع السياحة المحلية. لم يقتصروا على السفر خارجياً بصمت وترك الآخرين في حالهم، بل أشعلوا وسائل التواصل بتوجيه النداءات والتسويق للسياحة الخارجية.
وللأسف وقع بعض المشاهير في فخ حب الظهور والسعي نحو الشهرة من خلال نشر صور ومقاطع فيديو لهم في الوجهات السياحية الخارجية. هذا السلوك يرسل رسائل مختلطة إلى الآخرين، قد تتضمن تفضيلهم للسياحة الخارجية على حساب استكشاف الجمال الداخلي لبلدهم.
لا شك أن هذا الترويج المبالغ فيه للسياحة الخارجية سيؤدي إلى تأثيرات سلبية على السياحة الداخلية في السعودية. فالمتابعون، الذين قد يكونون أكثر تأثراً بمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي، قد يشعرون بأن السفر إلى الخارج هو الخيار الأفضل، متجاهلين بذلك الإمكانيات السياحية المحلية.
فكما يعلم الجميع أن السياحة الداخلية تعتبر جزءًا أساسيًا من استراتيجية السعوديـة لــتـنـويــع اقتصادها، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل. وعندما يقوم المشاهير بتوجيه رسائلهم نحو ترويج السياحة الخارجية بدلاً من دعم التوجه الوطني، فهذا يتناقض مع الجهود المبذولة من قبل الحكومة السعودية لتعزيز السياحة المحلية كجزء من رؤية 2030 .
في الوقت الذي تسعى فيه حكومتنا الرشيدة بكل جهودها لتكون السعودية وجهة سياحية عالمية، يأتي دور الجميع لدعم هذه الجهود والترويج للسياحة الداخلية والتشجيع عليها.
إن تفضيل الترويج للسياحة الخارجية، ليس فقط يعكس عدم الوعي بأهمية السياحة المحلية، بل ويعتبر حجر عثرة في الطريق نحو تحقيق الأهداف الوطنية وتعزيز الاقتصاد المحلي.
لذا ندعو الجميع مشاهير وغيرهم إلى التفكير بعمق في تأثيرات أفعالهم على سياحة بلادهم، وعليهم استخدام منصاتهم لتسليط الضوء على الجمال الغني والمتنوع للسعودية. وإن تسويق السياحة الداخلية ليس فقط دعمًا للاقتصاد الوطني، بل هو أيضاً فرصة للتعرف على تراثنا الثقافي وتاريخنا العريق والاستمتاع بجمال بلادنا الفريد. كما أن على الجهات المعنية الوقوف بحزم ضد هؤلاء الحمقاء وإيقافهم عند حدهم.