عبد الله سليمان الطليان
في كتاب العبقرية والإبداع والقيادة للمؤلف الأمريكي د.كيث سايمنتن أستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقول: إن العبقرية في التراث السيكولوجي الحديث لها تعريفات عديدة خاصة بالمصطلح، لكنها تتفق فيما بينها في أنها تشير إلى القوى والطاقات والإنجازات العقلية الفائقة وغير العادية، والعبقرية في ضوء هذه التعريفات هي محصلة لتفاعل خاص بين القدرات التي تنتمي إلى المستويات العليا من القدرات الخاصة بالذكاء وأيضا المستويات العليا من القدرات الخاصة بالإبداع والخيال.
ويقول إن بعض الباحثين مثل البرت Albert يعطي للعبقرية تعريفا يقوم على أساس الإنتاج، فيقول إن العبقري هو شخص يقوم بالإنتاج عبر مدى طويل من الزمن تعدد كبير من الأعمال التي يكون لها تأثيرها الواضح والكبير على الآخرين لسنوات عديدة. بعد هذا كله دعونا نعود إلى الوراء وزمن الماضي، ولنأخذ مثالا من الواقع العربي والمبدعين العرب خاصة في مجال الأدب الذي برز فيه الكثير مازال عطاؤهم ذا أثر واضح في الأدب العربي حتى اليوم والمجال هنا ليس الحصر فقط الإشارة الى البعض من أمثال ذلك النابغة الجعدي وبشار بن برد أبوالعلاء المعري والمتنبي والجاحظ وغيرهم الكثير مثل هؤلاء برزوا من خلال عطاء متميز مبدع ذي ملكة في القريحة الأدبية الذي نجده اليوم شبه مختفي، ولا يوجد سوى إنتاج أدبي ضعيف في المحتوى الذي يجد تضخيما اعلاميا واسعا بفعل تطور وسائل الإعلام الآن الذي راح يصنع تزويرا ثقافيا مخجلا ومؤسفا في بعض الحالات، فصار الإبداع مبتذلا ورخيصا مع هذا التطور الإعلامي، يمنح في أغلبه من أجل مظهر اجتماعي، وشهادة الدكتوراه التي تعطى في المجال الأدبي خير مثال على ذلك نجد أن البحث في مضمونه لا يرتقى للحصول عليها، هذا البحث هو الذي سوف يتوقف عنده (الدكتور) ولن يكون هناك عطاء أو إنتاج بعده، الشيء الذي يزيد الأمر سوءا وتعجبا هو الحديث عن هذه الدكتوراه في أغلب اللقاءات بشكل مسرف وهذا يدل على نرجسية مترسبة من الأثر القبلي.
في العالم الغربي اليوم نجد أن الإنتاج الغربي الأدبي الغزير الذي يصدر من مراكز ثقافية مرموقة ورصينة، يوجد لهذه المراكز منتسبون لهم عشرات الكتب أخذت من وقتهم الكثير وما زالوا في عطاء مستمر، لا تهمهم الالقاب والمسميات والجوائز الثقافية. سوف أذكر هنا مثالا على طول الوقت في التأليف في رواية للكاتب الأمريكي دي واي بيشارد من أصل كندي الذي قضى ثماني سنوات في تأليف تلك الرواية حيث بدأ عام 1998 وانتهى منها في عام 2006، حيث عاش الكاتب الواقع وراح ينقل أحداث الرواية عن قرب وبحقيقة، جعل من هذه الرواية في أن تكون متميزة.
اختم أخيراً في قول الدكتور عبدالله الغذامي في لقاء أن شهادة الدكتوراه لا تعني له شيئاً وهو ناقد أدبي وثقافي متميز على مستوى الوطن العربي، أشيد باعترافه لأن الدكتوراه لم تبرزه بل عطاؤه الثقافي المبدع والمتعدد.