عبدالعزيز بن سعود المتعب
أتألم وأنا أقرأ قصائد لبعض الشباب في مقتبل العمر تخلو من التفاؤل وتجسيد جمال الحياة وتحديداً في قصائد الغزل وليت الأمر يقف عند هذا الحد ولا يمتد إلى انكسار لا يليق بمن يشرئب للإباء والأنفة والاعتزاز بالنفس في كل منعطفات الحياة وهو ما يفترض أن يكون عليه نهجهم لاحقاًَ ولنا في ما قاله كبار الشعراء في الشعر الفصيح وصنوه الشعبي توثيق لذلك يقول الشاعر الفارس الأمير أبي فراس الحمداني حين أرادت حبيبته الزهو والتدلل بسؤالها الملتوي وأفاقت من وهم أحلامها على واقع اختلافه عن غيره في موقفه الصلب الذي فعّل مقولة - وبضدها تتميّز الأشياء- بقوله:
أراكَ عَصِيَّ الدَمعِ شيمَتُكَ الصَبرُ
أَما لِلهَوى نَهيٌ عَلَيكَ وَلا أَمرُ
بَلى أَنا مُشتاقٌ وَعِندِيَ لَوعَةُُ
وَلَكِنَّ مِثلي لايُذاعُ لَهُ سِرُّ
تُسائِلُنِي مَن أَنتَ وَهيَ عَليمَةُُ !
وهَل بِفَتََى مِثلي عَلى حالِهِ نُكُرُ؟!
إلى قوله في استعلائية مبررة إلى حدٍّ - ما- رداً على توجّه محتوى معنى سؤالها السابق له:
فَلا تُنكِريني ياابنَةَ العَمِّ إنَّهُ
لِيَعرفُ مَن أَنكَرتِهِ البَدوُ والحَضرُ
ومن الأدلة الدامغة على عزة النفس والشموخ والرجولة الحقة في المواقف والإباء في غرض قصائد الغزل في الشعر الشعبي ماقاله الشاعر الأمير عبدالله الفيصل-رحمه الله - بكل شفافية تجبر كل منصف شهم على احترام قراره:
اليوم ترسل لي وتبدي الوفاء لي
تبدي لي أعذارٍ قصيرات.. وأطوال
تبي تجدّد ماانقطع من وصالي
ترضي غرورك بس يا حسن الاقبال!
ماعاد تخدعني عقب ما بدالي
وان عدت فيما عفت مانيب رجّال
ويقول الشاعر عبدالله بن عون ناصحاً من (يُبقِي) على مودة من (يستحق النسيان) بعد أن توجّس مالاح في أفق سماء علاقة حبه من مهزلة حب لطرف ثالث لم تعد تعني الشاعر البتة بعد النسيان الحاسم في الوقت المناسب لضوء مشاعر خافت أفل:
كان السراب اللي زمى بارقٍ له
مااصير عوقٍ له عن اللي يريده
اللي نساك انسه ولا تشتحن له
ولا عاد يطري لك عليه اتعويده
لو كان جرحك منه ينزف مشلّه
داوه بالإقفايه تراها امفيده
اللّي معه فكرٍ وعقلٍ يدلّه
طرد المقفّي ينقصه.. مايزيده
وتحضرني قصة فيها عبرة ودرس (لبعض الشعراء الشباب): أحد أصدقائي الأعزاء فهد القحطاني يروي لي أيام -المرحلة الدراسية- أن أحد معارفه صوته شجي مؤثر في ألحان الشعر المعروفة مثل (المسحوب، والهجيني، والهلالي) وغيرها وأنه ذات يوم (شال بصوته العذب) قصيدة فيها تودد وخنوع للمحبوب من محفوظاته ولايعرف قائلها فقالت له جدته -رحمها الله- ياولدي (الحب اللّي مايرفعك ماينفعك) لذا لم أنس هذه -العبارة والعبرة - في آنٍ واحد منذ ذلك الأمد.