عبدالله إبراهيم الكعيد
هيبة أي وطن ليس فقط بامتلاك القوة العسكرية القادرة على حماية مقدراته، بل بوعي وتكاتف الحكومة مع الشعب. لن أبتعد كثيراً في ضرب الأمثلة إذ يكفي قراءة ما حدث في قارة إفريقيا من استغلال واستنزاف للثروات من طرف الغرب الذي أوهم أهل الأرض بجهلهم بأحوالهم كما أوضحت تلك السيدة الإفريقية التي خاطبتهم في عقر دارهم بلغتهم، لُغة الأرقام.
تابعت شخصياً بكل إعجاب وضوحها حين قالت: من هو الذي أجاز بأن تتساوى خمسة آلاف وحدة من عملتهم (أي بعض دول إفريقيا) بواحد من عملة الغرب (تقصد الدولار) ثم أردفت بقولها إن من الواضح أن العالم الغربي ليس كما يدعون بأنه من يساعد إفريقيا. إفريقيا هي من تساعد العالم الغربي.
تقول السيدة الشجاعة أن العالم الغربي وتحديدا فرنسا رهين لإفريقيا من كل النواحي.
لم أكد أنهي إعجابي بتلك السيدة حتى شاهدت مقطعا مصورا لكلمة وزير العدل في ساحل العاج حينما صعد الى المنصّة في ديربان في 2 أيلول 2001 وفاجأ الحضور بقوله: إذا كنتم تعتقدون أن الرق قد زال فأعيدوا التفكير في الأمر مجددا.
إذ كيف يمكننا أن نعتقد ذلك وسعر سلعة استغرق صنعها أشهرا طويلة وكلفت ملايين المزارعين جهداً كبيراً تحت وطأة الشمس وتحت الأمطار يحدده شخص جالس على كرسي أمام حاسوب في مكتب مكيّف دون أن يأخذ شقاءهم بعين الاعتبار؟
بهذا الصدد أجاب أحد خبراء الاقتصاد عن سؤال طُرح عليه عن الفرق بين ديون الولايات المتحدة الأمريكية وديون الدول الإفريقية؟ سيما وأن الديون التي على أمريكا لم تمنعها من أن تكون إحدى القوى الرائدة في العالم، لكن في الجهة المقابلة الدول الإفريقية لا تستطيع النمو والتقدم بسبب الديون التي تخنقهم.
أجاب: أمريكا لن تدفع الديون التي عليها ابداً لأنها ليست مجبرة على فعل ذلك لأن ديونها بعملتها أي بالدولار ويمكنهم بكل بساطة طباعتها أما ديون دول إفريقيا فهي ليست بعملتهم بل بالدولار الأمريكي وكي تتمكن تلك الدول من سداد ديونها عليها أن تكتسب بالدولار، والطريقة الوحيدة في ذلك هو المبدأ الذي يقوم عليه البنك الدولي وهو الاّ ينبغي لأي دولة ان تعتمد أو تزرع غذائها بنفسها بل يجب أن يزرعوا محاصيل التصدير فقط من اجل الحصول على فائض في المعروض لإبقاء الأسعار منخفضة، وبالتالي شراء الحبوب والأغذية من الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا.
السؤال: هل سيأتي اليوم الذي نسمع فيه بأن أمريكا ودول أوروبا توقفت عن نهب ثروات الدول الإفريقية وتشرع في تنميتها لتكفّر عن سرقاتها الماضية؟