فضل بن سعد البوعينين
في حديث شامل لبودكاست «سقراط»، تحدث سمو وزير الرياضة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل عن ملفات مهمة مرتبطة ببرنامج التحول الرياضي في المملكة. تخصيص الأندية، برنامج الاستقطاب، إضافة إلى استراتيجية الوزارة لإعادة هيكلته، وحوكمته، والعلاقة مع الأندية، وآلية عمل مجالس الإدارة جاءت ضمن الملفات الرئيسة التي حظيت بمساحة من الطرح الشفاف والعميق.
أشار سمو وزير الرياضة إلى التجارب العالمية في التخصيص، ومنها التجربة الإسبانية والألمانية، ومقارنتها بنماذج التخصيص المستهدفة محليا، ومنها تملك الأندية بنسبة 100 % كما حدث في القادسية، نيوم، والدرعية، أو من خلال الطرح العام، أو الطرح الخاص الذي يمكن أن يدخل فيه الاستثمار الأجنبي.
قد تكون تجربة تملك الأندية بنسبة 100 % الأكثر نجاحا في قادم الأيام، لأسباب إدارية مالية صرفة، وعندما يرتبط ذلك بشركات كبرى كأرامكو السعودية، نيوم، والدرعية، تصبح فرص النجاح أكبر.
الملاءة المالية، والمنظومة الإدارية التي تمتلكها أرامكو، على سبيل المثال لا الحصر، تعزز من فرص نجاح نادي القادسية، وتضمن في الوقت نفسه إستدامته، وتطويره وفق منهجية رياضية عالمية، بل يمكن للقادسية أن يكون نموذجا متميزا في التخصيص، والإدارة، والتطوير الرياضي والتنمية المجتمعية، وبيئة الملاعب والأكاديميات الرياضية.
نموذجا الطرح العام، والخاص من النماذج المطبقة عالميا، إلا أن تطبيقها محليا لن يخلو من التحديات.
فالزخم الرياضي، الذي نشهده اليوم قد يخبو جانبا منه في حال التعاملات المالية والاستثمارية، ما لم يرتبط بشركات كبرى تجمع بين الملاءة المالية والحوكمة الإدارية والقدرة على استدامة الإنفاق، لتحقيق المنفعة الترويجية وخدمة المجتمع والبيئة الحاضنة.
تخصيص الأندية وإعادة هيكلة القطاع، تحتاجان إلى دعم مجتمعي كبير، لتوفير الأجواء المناسبة لتحقيق النتائج الإيجابية، ما يستوجب تهيئة البيئة الحاضنة لمشروع التحول الرياضي التي لا تقل أهمية عن المشروع نفسه، وأحسب أن حديث سمو وزير الرياضة كان موجها للإجابة على القضايا الجدلية المتداولة.
الارتباط بشركات الأندية قائم على الميول الرياضية والعاطفة، بخلاف التعامل مع حملة أسهم الشركات الأخرى التي تتأثر قراراتها الاستثمارية بالأرباح الرأسمالية والعوائد، ما يستوجب التعامل معها بحذر شديد، ودبلوماسية وشفافية مطلقة معززة للنجاح.
أندية الصندوق، خير مثال على ذلك، حيث الجدل والاتهامات المباشرة والمبطنة، حول آلية الدعم، والميزانيات، وكفاءة الإنفاق، ما أسهم في إثارة الرأي العام والتشكيك في المشروع، والصندوق، والمؤسسة الرياضية، وأحسب أن المعنيين بملف الأندية الأربعة في صندوق الاستثمارات العامة يتحملون جزءا من المشكلة.
فإذا كانت الشفافية، والحوكمة وكفاءة الإنفاق من الأهداف الرئيسة لاستحواذ الصندوق على الأندية الأربعة، فيفترض أن ينعكس ذلك على البيانات المالية، التي تعد أحد أهم متطلبات الشفافية، المعززة للثقة، والنافية للجهالة، والمفندة للشائعات المشككة في المشروع الرياضي.
ميزانيات أندية الصندوق، والدعم المقدم لها، وتكلفة شراء اللاعبين، وآلية الاستثمار وعوائدها المالية، وقدرة مجلس الإدارة على تدوير الفوائض المالية الخاصة بناديهم، والاستقلالية المالية، أمور لم يتم توضيحها للشارع الرياضي، ما تسبب في كثير من الجدل، والاتهامات التي طالت الجميع.
ومن المؤسف أن يشارك الإعلام الرياضي فيها.
بل إن مقابلة سمو وزير الرياضة التي استمرت ما يقرب من ثلاث ساعات، لم تسهم في الحد من الجدل الرياضي.
عدم التطرق للجوانب المالية بالأرقام الدقيقة، وما يتعلق بالميزانيات المعتمدة لكل نادٍ، وحجم الدعم المالي من الصندوق، وقيمة التعاقدات، وقائمة الدخل، إضافة إلى عدم مناقشة تحدي «اللعب المالي النظيف» الذي يعد من أهم متطلبات الإنفاق الرياضي المحقق لعدالة المنافسة، ربما كان من أسباب استمرار الجدل الرياضي من الخاصة قبل العامة.
الشفافية تعني تقديم كامل البيانات المالية بوضوح يسهم في تعزيز الحوكمة، واطلاع المستثمرين المحتملين، والمهتمين بالشأن الرياضي، وقادة الرأي، واطلاعهم على حجم الدعم المقدم، وآلية التعاقدات وحجم التمويل ومصادره وبما يعزز الثقة ويوقف الجدل.
يعتمد نجاح التخصيص على العوائد المالية المتوقع، المحرك الرئيس للمستثمرين.
انخفاض العوائد المالية يعني أنخفاضا في الإنفاق على النادي وبالتالي تراجع نتائجه، ما يؤدي إلى خسائر فادحة لملاك الأندية.
كما أن تحمل الأندية لخسائر متراكمة قد يخرجها من القطاع، ما يتطلب مراجعة محور الاستدامة، كتحدٍ قد يرفع من مخاطر شركات الأندية بعد التخصيص.