رقية نبيل عبيد
«عندما أكبر سأصبح..»
دائماً ما شجع الكبار الصغار على إكمال هذه الجملة، ينظرون إليهم بابتسامة باردة فيما الشغف يكاد يقفز من أعينهم، ينطق الصغير بهذه العبارة وكله ثقة بالمستقبل الذي يمتد أمامه فيما هو حقيقة يقع بالكلية في عالم الغيب، لا أحد، لا أحد يخبره كم تختلف الأمور حينها!
لا أحد يجهزه للتباين الشنيع الذي قد يكون حينما يصل هذا الزائر الغامض المنتظر المثير!
كل شيء يتبدل، الطرق تختلف والأماكن تختلف والقلوب تختلف، لا أحد يخبرنا كم أن الأشخاص حولنا سيتغيرون، وكذلك نحن، لا أحد يحضرنا لكم المصاعب والعثرات والخيبات التي ستشطر قلوبنا فيما نمضي بعزم قدر جهدنا نحو ذاك المستقبل، لا أحد يلمح لنا بمرارة الفقد التي تلوعنا ما إن نغادر البيت الأول والذكريات الأولى وحبنا الأول، كل الثوابت تتزلزل،كل الإمكانيات تضيق وتصبح أبعد، كل الألوان تخبو، غالبًا تخبو، لا شيء، تقريبًا لا شيء يصبح أكثر إشراقًا!
إن الطفولة مخلوق غريب لأبعد حد، مليء بالأحلام الواثقة، الأحلام المصممة، الأحلام التي تملك معولًا لحفر طريقها، فقط نتفاجأ أن معاولنا من وهم، وعزائم طفولتنا ليست أكثر من.. حلم، فقط حلم، والحالم لابد له أن يصحو، وهذا ببساطة ما نفعله حين نكبر!
لا أريد العودة لطفلتي، أريد فقط أن أجهزهم هم، هؤلاء الوافدون الجدد، لهذه الصعوبات الممكنة، لو أستطيع.