دهام بن عواد الدهام
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}.. وكلنا راحلون.. لكن هناك رحيل محزن للدائرة الخاصة وربما لمن حولها لكن بعض الرحيل مؤلم ومحزن وفقيد ليس للأهل والأقارب فحسب لكن للجمع والجماعة وتكبر الدائرة لكل من عرف الراحل اللواء متقاعد معاشي ذوقان العطية ابن الجوف مكلومين برحيلك أبا سعد.. رجل الدولة ورجل صنع وترك أثراً في كل خطو خطاه.. الرجل العصامي المكافح في العلم والتعلم درس على كتاتيب المنطقة رحل خلف حلم يحققه في مسيرته الحياتية تعسكر في الجيش العربي عايش الأحداث العربية وأحداث فلسطين ودرس وتعلم فنون العسكرية.. عاد للوطن مخلصاً أميناً التحق بالحرس الوطني تدرج في مهامه ووظائفه وأخلص لوطنه أصدق الولاء وكسب الثقة حتى تسنم بكفاءة ووطنية ومقدرة الشؤون العسكرية بالحرس الوطني عشق ميادينها وصوت الرصاص في ميادين التدريب أطرب وأطربه.. كان القائد المخلص في عمله والكريم الشهم في أخلاقه مضياف في بيته.. أبوسعد ابن بيئته الجوفية المخلصة.. كان لوطنه قائداً عسكرياً في الميدان تحت قيادة ولاة الأمر أديباً في الحديث شهماً في المواقف كاتباً وأميناً على التاريخ كتب ودوّن المعرفة في كتبه ومؤلفاته وصدح فيها بعلمه وبما أخفاه الزمان.. حين تلتقيه تتلاشى السنون بينك وبينه مستمع للمتحدث ويُسمع حين يتحدث. كانت الجوف جوفه والفؤاد مفعم بالحب والعطاء للوطن استمد بعض شيء من صفاته النبيلة مثل شموخ وعنفوان نخلة غرسها أو حبة زيتون مباركة رعاها حين استمتع بالزراعة ومع كل مشاغل الحياة لم ينس دوره شاهد عصر ونبل حرف عاش الجوف دوراً أدبياً وتاريخياً واجتماعياً رمزاً من رموزها يحيط بالماضي ويعيش الحاضر ويدرك المستقبل. الجوف سكاكا لن تنسى فضل أبي سعد في كثير من المناحي لا يتسع المجال لذكرها لكن كشباب يذكر اسمه فتشكر جهوده تجاه الرياضة والشباب بدعم تسجيل نادي العروبة.
أبو سعد رحل وترك لنا إرثاً اجتماعياً وأدبياً وسيرة عطرة تذكره الأجيال إرثاً وطنياً واجتماعياً ومشعلاً أدبياً يحمله أبناؤه الكرام مع حفظ الألقاب اللواء ذوقان والأستاذ محمد والأستاذ حمد والسفير زياد.. هم إرث هذا الرجل الإنساني القامة التي رحلت.
ويبقى لنا من بعد رحيله إرث وموسوعة أدبية وتاريخية تتمثل بكتبه ومؤلفاته. أوراق جوفية تاريخ وجغرافيا وتراث منطقه الجوف.. عصاميون منارة الشباب القارئ الطموح.. حدائق الجوف.. الغزو الأمريكي للوطن العربي بما يكفي هذا العنوان من حب لهذا الوطن والوطن العربي الكبير.. خطوات على الطريق.. تجربة رجل وقائد يتغذى منها الأجيال.. شاهد عيان على ذلك الزمان حيث يغطي فيه العطية فترة تعايش معها ضابطاً بين طوائف الشعب الفلسطيني، من غزة إلى يافا ونابلس وصفد والناصرة مروراً بالقدس الشريف ومشاركته في معركتها عام 1948م، ولهذا يعتبر كتابه هذا بمثابة شاهد على حال فلسطين وأوضاعها في تلك الفترة (1946-1948م).
أبا سعد كلنا محزونون على فراقك ندعو الله عز وجل لك الرحمة والمغفرة ومسكنك جنات النعيم وستبقى في وجدان الجوف جيلاً بعد جيل.