ميسون أبو بكر
صاحبة البهاء.. خليلة عشاقها.. مُلهمة الشعراء.. عاصمة القلب.. هي الرياض.. التي تدهشك بليلها الذي تنسكب نجومه كشلال فرح حتى ساعات الفجر الأولى التي تعلن انتهاء أماسيها المزدحمة بأهلها وزوارها من كل صوب، والهاربين إليها من السكون وروتينهم المعتاد إلى جنونها الجميل وتنوع مناشطها وكثرة فعالياتها وموسمها الترفيهي الذي أصبح قبلة للعالم، رغم زحمة شوارعها إلا أن في طرقها عذوبة وجمالاً يسلّي الوقت الضائع في الزحمة، وعلى جانبيها تصطف النخلات تعلل انتظارك بما قد يدفعك مرغماً لالتقاط صورة سريعة وسط الزحام والأنوار والأبراج القائمة على جانبي الطريق والتي لم تكن تعتدها في المدينة الوادعة الهادئة قبلاً التي تجاوز اليوم سكانها ثمانية ملايين نسمة من كل جنسيات العالم والذين غيروا بعاداتهم خارطة المدينة الذهنية فتراهم على دراجاتهم كما تعودوا في بلادهم أو مشاة حتى في الظهيرة رغم درجات الحرارة العالية، وتقف السيارات حين يمرون من ضفة الطريق إلى الضفة الأخرى ولم تكن من قبل عادة المشي موجودة إلا في الممشى المخصص وقت المساء ومواسم الشتاء.
الرياض اليوم مُبهرة رغم الأعمال القائمة في شوارعها لإقامة ميدان للمشي أو حديقة عظيمة أو مدن بطراز معماري معين كما هو في الدرعية العظيمة، ورغم التحويلات ومسارات جديدة حتى إتمام هذه الأعمال إلا أن مجرّد التّخيّل أو تصور المدينة بعد أشهر من انتهاء الأعمال هو أمر رائع ومبهج يحملنا لمستقبل واعد وحياة سلسة وجنة تنتظرنا في المدينة التي نعشقها.
تغيرت خارطة المدينة من منازل وقصور وفلل لا تتجاوز الطابقين إلى مبانٍ مرتفعة وأبراج تطوق الطرق وتمتد على مرمى البصر، ومن مساكن صامتة لا روح فيها ولا نوافذ إلى مبانٍ جميلة بُنيت بتصاميم مفرحة ونوافذ كبيرة و(بلكونات) أسميها شرفات على الحياة ومنصات على مسارح المدينة تعانق الهواء والأنوار والرياض.
حين أنظر من نافذتي ليلاً في الطابق الستين أبصر على امتداد البصر سجادة من النور؛ تباهي أرض الرياض سماءها، فقد تتوارى نجوم السماء بسبب الغيوم أو الغبار لكن أنوار الأرض ساطعة وممتدة كسجادة من نور في مسائها.
الرياض التي تغنى بها الشعراء فقال فيها غازي القصيبي أجمل ما قيل:
كأنك أنتِ الرياض
بأبعادها بانسكاب الصحاري
على قدميها
وما تنقش الريحُ في وجنتيها
وترحيبها بالغريب الجريح
على شاطئيْها
وطعم الغبار على شفتيها
وكأن بالرياض التي تنسكب الصحاري على قدميها تتراءى من بعيد واحة من بشر وضياء وشجر تبشر بالرياض الخضراء التي بدأ مشروعها الذي أطلقه الملك سلمان ويشرف عليه عراب الرؤية والذي تنبثق عنه مشاريع أخرى تجعل نصيب الفرد من المساحة الخضراء تفوق الـ16 ضعفاً مما هي عليه الآن.
الرياض مبهرة.. هي معشوقة تستحق كل هذا الحب من عشاقها، وهي تبشر دوماً في ظل ما تحظى به من عناية وتخطيط وعمل دؤوب بمستقبل قريب مبهر يمنح سكانها وزائريها وعشاقها ما يستحقون ويعوضهم عن الأشغال والأعمال المستمرة ليل نهار وتحويلات الطرق وزحمة النهار والليل.
ولا ننسى قطارها الذي سيحل الكثير من أزمتها فثقافة المجتمع اليوم جاهزة لهذا الكائن الجديد الذي نلحظه بين وقت وآخر في جولات تجريبية.
هي الرياض عاصمة القلب وكفى.