د. غالب محمد طه
«ولدت مرتين»- عبارة بسيطة لكنها عميقة، استخدمتها هبة، إحدى التوأمين السياميين السودانيين «هبة وسماح»، لتصف كيف أن عملية فصل التوائم التي قادها الدكتور عبد الله الربيعة قبل ثلاثين عامًا لم تكن مجرد عملية طبية، بل كانت بمثابة ولادة جديدة لها ولشقيقتها.
تعبر هذه الكلمات عن الأثر العميق لتلك العملية التي غيرت حياتهما، وتسلط الضوء على الجهود الإنسانية والطبية الرائدة التي قدمتها المملكة العربية السعودية من خلال هذا البرنامج المتميز.
وفي العام التالي، عام 2023، شهدت العاصمة البولندية وارسو لقاءً مؤثراً بين الدكتور عبد الله الربيعة، المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والتوأم السيامي البولندي «داريا وأولغا»، اللذين تم فصلهما بنجاح في عام 2005 بأمر من الملك عبد الله بن عبد العزيز، هذا اللقاء أبرز الأثر المستمر للبرنامج على المستوى العالمي، وعكس الروح الإنسانية التي تميز عمل البرنامج، حيث تم تبادل الذكريات والتجارب التي ساهمت في تحسين حياة التوائم.
منذ مطلع التسعينات، ارتبط اسم المملكة العربية السعودية بإنجازات طبية رائدة في مجال فصل التوائم الملتصقة، وذلك بفضل جهود طبية وإنسانية غير مسبوقة. وتحديداً في عام 1990، بدأت المملكة مسيرتها الرائدة في هذا المجال بقيادة فريق طبي متخصص تحت إشراف الدكتور عبد الله الربيعة، الذي قاد البرنامج السعودي لفصل التوائم الملتصقة، وحقق بفضل هذا الفريق مجموعة من النجاحات التي جعلت المملكة العربية السعودية نموذجاً عالمياً في هذا المجال الطبي الفريد وفي تقديم الأمل للعديد من الأسر حول العالم.
خلال ثلاثين عامًا من العمل الدؤوب، حقق البرنامج السعودي لفصل التوائم الملتصقة إنجازات غير مسبوقة، حيث نجح في إجراء أكثر من 50 عملية فصل للتوائم الملتصقة من 21 دولة مختلفة، مما جعلها محط إشادة من قبل الدول والمنظمات الإنسانية الدولية.
وفي خطوة بارزة تعزز من ريادة المملكة في هذا المجال، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 24 نوفمبر من كل عام يوماً عالمياً للتوائم الملتصقة، وذلك بفضل مبادرة المملكة العربية السعودية، يهدف هذا اليوم العالمي إلى زيادة الوعي بالتحديات التي تواجه التوائم الملتصقة وتسليط الضوء على الإنجازات الطبية التي حققتها المملكة في هذا المجال.
إن اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 24 نوفمبر من كل عام يوماً عالمياً للتوائم الملتصقة هو اعتراف دولي بالتفوق الطبي والإنساني للمملكة، هذا اليوم العالمي لا يقتصر على الاحتفاء بالإنجازات السابقة، بل يعكس أيضًا التزام المملكة بمواصلة الريادة في المجالات الإنسانية والطبية، كما يمثل البرنامج أحد الأمثلة على كيفية تحقيق رؤية 2030 في توفير الرعاية الطبية المتقدمة وتعزيز التعاون الدولي في مجال الصحة.
النجاحات المستمرة لبرنامج فصل التوائم الملتصقة تُبشر بمستقبل واعد في المجال الطبي والإنساني، ومن خلال هذا البرنامج، تواصل المملكة تعزيز مكانتها كمركز عالمي للمبادرات الإنسانية والطبية.
يمثل البرنامج فرصة للتوسع المستقبلي في أبحاث جديدة وتقديم الرعاية الطبية المتقدمة، مما يعزز من دور المملكة كمركز عالمي للريادة الطبية والإنسانية. تجسد رؤية السعودية 2030 التزام المملكة بالابتكار والتفوق في مختلف المجالات، ويُعدُّ برنامج فصل التوائم الملتصقة مثالاً بارزاً على تحقيق أهداف هذه الرؤية.
من خلال هذا البرنامج، عكست المملكة التزامها بمبادئ الإنسانية والتكافل، حيث قدمت الدعم الطبي للتوائم الملتصقة من جميع أنحاء العالم، تعزيزاً لقيم التعاون الإنساني وتحقيقاً لأهداف رؤية 2030 في تحسين جودة الحياة وتعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للتأثير الإنساني والطبي.
في إطار التزام المملكة العربية السعودية بمواصلة ريادتها في المجالات الإنسانية والطبية، يعزز الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان هذا التوجه من خلال دعمهم المستمر والمبادر للبرنامج السعودي لفصل التوائم الملتصقة، ليحقق البرنامج نقلة نوعية في تقديم الرعاية الطبية المتقدمة للتوائم الملتصقة، حيث توسع ليشمل دولاً ومجتمعات جديدة على مستوى العالم، مُحققاً إنجازات طبية وإنسانية بارزة.
بفضل هذه القيادة الحكيمة، تواصل المملكة العربية السعودية تحقيق أهداف رؤية 2030، وتثبيت مكانتها كمثال عالمي للابتكار الطبي والإنساني من خلال استراتيجيات تطويرية تدعم برامجها الإنسانية والطبية وتحقق تأثيراً إيجابياً على الصعيدين الإقليمي والدولي.
إن المستقبل واعد بمزيد من النجاحات والتوسع في هذا البرنامج، مما يفتح آفاقًا جديدة في أبحاث طبية مبتكرة وتقديم رعاية صحية متقدمة. من خلال دعم هذا البرنامج وتطويره، تسعى المملكة إلى تحقيق أهدافها الطموحة في تحسين جودة الحياة وتعزيز التعاون الدولي، مما يعزز من دورها كمركز عالمي للتأثير الإنساني والطبي.