أمل بنت محمد المجاهد
في طيات النجاحات المحلية التي يحققها المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية متوائماً مع رؤية المملكة 2030 تبرز نجاحاته العالمية ذات الأصداء والاهتمامات الدولية، ومما لا شك فيه أن هذه النجاحات تنمو وتتزايد بالتحفيز، والتفوق والتميز لا يتحقق بدون الإصرار والعزيمة، والطموح لا يصبح واقعا إلا بإشعال فتيلة الشغف.
لا يخفى أن المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية لديه برامج إكثار وإعادة توطين للكائنات الفطرية المحلية والمهددة بالانقراض في المملكة العربية السعودية، وهذه البرامج تتناغم مع رؤية المملكة 2023 والتي وضعت الحفاظ على الطبيعة كأولوية ضمن مبادرة السعودية الخضراء.
ومنذ إطلاق هذه البرامج بلغ عدد الكائنات التي تم إكثارها في مراكز الإكثار أكثر من 7 آلاف، ولله الحمد.
بصبغة تاريخية اختفت الفهود من بيئات المملكة العربية السعودية منذ أقل من 50 عاما، لكن هناك دلالات سابقة على اكتشاف وجود الفهد الصياد في شبه الجزيرة العربية مثل النقوش التاريخية على الصخور منذ آلاف السنين في عدة مناطق في شبه الجزيرة العربية.
بدأت عجلة العمل في المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية عند الإعلان عن اكتشاف موميات للفهد الصياد في عام 2023 وبلغ عددها 17، ومن هنا أوقدت شعلة التميّز وامتدت جذور الكشف عن الفهد الصياد من قبل الباحثين في المركز عن طريق البحوث والمسوحات الحقلية، وفي عام 2024 توصل المركز الى العثور على 63 عينة من الفهد الصياد في أحد الدحول في شمال المملكة منها مومياوات محتفظة بجميع تفاصيلها، وتم تسجيل هذا الاكتشاف الحصري ولأول مرة في العالم.
امتدادا لهذا العمق التاريخي قام المركز بجهود مباركة في برنامج إعادة توطين الفهود من بحوث ومسوحات حقلية. حيث تجاوز عدد فريق العمل في البرنامج 40 باحثا من المركز الوطني لتنمية الفطرية وعددا من المشاركين من جامعات سعودية وجامعات على مستوى عال في العالم .
ولا يخفى على الجميع ما أعلنه المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية عن ولادة أربعة أشبال من الفهد الصياد ليثبت للعالم إعادة توطينه ضمن عدد من برامج الإكثار التي ينفذها المركز.
بشكل يبعث على الفخر والاعتزاز، كان للمركز قدم السبق في إثبات نتيجة ولأول مرة توثّق في التاريخ الى أن هناك سلالتين في الدحول في شمال المملكة العربية السعودية، السلالة الآسيوية وسلالة شمال أفريقيا، وتم إثبات أن التقاء السلالات الآسيوية والأفريقية كان على أرض المملكة العربية السعودية وتحديدا في شمالها. كما عمل المركز بالتعاون مع عدد من الخبراء ضمن المركز وخبراء عالميين متخصصين في الفهود على انتاج الإستراتيجية الوطنية للمحافظة على الفهود وهي خارطة الطريق لاستعادة الفهود في بيئاتها الطبيعية في المملكة العربية السعودية
قد يتبادر الى الذهن ما هو سر هذه الأصداء وراء ولادة هذه الأشبال؟ إن المطّلع والمهتم بالحياة الفطرية يدرك أهمية وجودها وتكاثرها، حيث إن وجود هذه الفهود يضمن توازن المفترسات بأنواعها في مناطقها الطبيعية. وبصورة أكثر تبسيطا للمجتمع فإن ولادة هذه الأشبال سينعكس إيجابا على إثراء التنوع الإحيائي وإعادة تأهيل النظم البيئية والتوازن البيئي، وستستعيد الحياة الفطرية في المملكة جاذبيتها ورونقها.
تتدفق الإنجازات والنجاحات وتتحقق الوعود الواعدة بتوفيق الله ثم بالعمل الجاد من منظومة الحياة الفطرية، سلسلة من الجهود المتتابعة والمستمرة بالتشجيع وتذليل للصعوبات لتصبح قصة النجاح واقعا ًملموساً.