د. غالب محمد طه
بحكم عملي ومتابعتي المستمرة لأنشطة أجهزة التقييس العربية، لفت انتباهي الإنجاز البارز الذي حققته الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بتسجيل أكثر من 800 ألف منتج عبر منصة سابر الإلكترونية خلال النصف الأول من عام 2024. يعد هذا الرقم دليلاً على التحول الجذري في إدارة عمليات تسجيل المنتجات في السوق السعودي، وهو إنجاز يعكس التأثير الكبير على تحسين جودة حياة الأفراد والمجتمعات وتعزيز الاقتصاد الوطني.
لقد أصبحت منصة سابر أداة أساسية في إدارة عملية تسجيل المنتجات في السعودية، الأرقام التي نشرتها الهيئة تكشف عن تحسن كبير في إدارة التسجيل والتوثيق.
إن تسجيل 800 ألف منتج ليس مجرد رقم كبير فحسب، بل تعكس هذه الأرقام التوسع الكبير في استخدام المنصة من قبل الموردين والمصنعين، مما يدل على نجاح المنصة في تبسيط الإجراءات وتسريع دخول المنتجات إلى السوق السعودي وزيادة ثقة المستهلكين.
الأرقام التي قدمتها الهيئة، والتي تتضمن أكثر من 160 ألف شهادة مطابقة و350 ألف شهادة إرسالية، تعكس بوضوح الدور الحيوي للمنصة في تحسين كفاءة إجراءات تسجيل المنتجات.
على سبيل المثال، أسهمت منصة سابر في تسريع دخول المنتجات الغذائية إلى السوق من خلال تبسيط إجراءات التسجيل، مما قلل من فترة الانتظار وأتاح للموردين تقديم منتجات جديدة بسرعة أكبر، الأمر الذي يضمن التحقق من معايير السلامة والجودة ويعزز من مصداقية المنتجات المقدمة، وفي قطاع الإلكترونيات، سهّلت المنصة التحقق من معايير السلامة والجودة، مما أسهم في تعزيز ثقة المستهلكين.
ولعل من أبرز إنجازات منصة سابر نجاحها في تقديم نظام موحد للتحقق من مطابقة المنتجات، الذي يسهم في رفع مستوى الشفافية في السوق. هذه الشفافية لا تقتصر على تعزيز الثقة بين المستهلكين والتجار فحسب، بل تشمل أيضًا تحسين القدرة على تتبع المنتجات وتفادي التلاعب والتزوير، فقد وفر النظام الموحد وسيلة فعالة للتأكد من أن جميع المنتجات التي تدخل السوق تلتزم بأعلى معايير الجودة، مما يحسن بيئة الأعمال ويعكس التزام الهيئة بالشفافية والجودة.
وبعد هذا النجاح الكبير للمواصفات السعودية، أصبح أمر توحيد المواصفات والمعايير على مستوى العالم العربي ضرورة استراتيجية لضمان أن تكون المنتجات في الأسواق العربية متوافقة مع المعايير المتفق عليها، ويزيد من قدرة الشركات العربية على التنافس عالميًا من خلال تبسيط الإجراءات التجارية.
تتمتع المملكة العربية السعودية اليوم بمكانة رائدة في مجال تطوير المواصفات والمقاييس على الصعيدين الإقليمي والعربي، بفضل جهود الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة والتي تقوم بتحديث اللوائح والمواصفات بانتظام لمواكبة أحدث الاتجاهات العالمية، مما يضمن التزام المنتجات بأعلى معايير الجودة. إضافة إلى ذلك، يبرز نجاح الهيئة في الابتكار من خلال تبني التقنيات الحديثة وتطوير أنظمة متقدمة مثل منصة سابر، التي تعزز فعالية عمليات التسجيل والتوثيق وتؤكد مكانة المملكة كقوة رائدة في هذا المجال على الصعيدين الإقليمي والدولي.
عند مقارنة منصة سابر بالمبادرات الرقمية المماثلة في دول أخرى، تبرز المنصة كأداة تتيح الاستخدام السريع وتضمن مستوى عاليا من الشفافية، مما يعكس تفرد التجربة السعودية ويزيد من تنافسية المنتجات السعودية على الصعيد العالمي.
تتولى المملكة العربية السعودية قيادة المبادرات الدولية والإقليمية في مجال تطوير المعايير القياسية، لتحسين جودة الأسواق وتعزيز التكامل الإقليمي، هذه الجهود تدعم التنمية المستدامة وتعزز من قدرة المملكة على تحقيق أهدافها الاقتصادية والبيئية.
تجسد إنجازات الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة من خلال منصة سابر تحولاً نوعياً في إدارة تسجيل المنتجات وتحسين بيئة الأعمال في المملكة. بفضل هذه المبادرات، لا تقتصر الفوائد على تعزيز كفاءة العمليات بل تمتد لتؤثر بشكل إيجابي على ثقة المستثمرين والمستهلكين على حد سواء. تسهم هذه التحسينات بشكل مباشر في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، من خلال دعم النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز جاذبية المملكة كمركز تجاري عالمي. إن التزام الهيئة بالابتكار والتطوير ليس فقط دليلاً على التقدم التقني ولكن أيضاً على الرؤية الاستراتيجية التي تسعى إلى تعزيز مكانة المملكة على الساحة الدولية وتحقيق الأهداف الاقتصادية والطموحات المستقبلية.