عطية محمد عطية عقيلان
يصادف في شهر يونيو من كل عام «يوم الأب العالمي» وهناك 7 تواريخ مختلفة في العالم للاحتفال بيوم الأب، وهي مناسبة تقدير له كنوع من الامتنان والعرفان بتضحياته ودوره في تربية ومساعدة أبنائه وعائلته، لكن الملاحظ أن هذا اليوم يمر مرور الكرام، وقلما يتم تذكره أو مفاجأة الأب بحفل عائلي تعبيرا عن أهميته لهم، وجلنا نحن الآباء نتذكره ونتبادل النكات والضحكات لعدم معرفتنا به سوى من وسائل التواصل والطرائف التي تتداول بنسيان يوم الأب، والمحظوظ والذي تصله هدية يكون الثمن مدفوعا من بطاقتهـ (ما علينا على الأقل لننظر للربع المملوء من الكوب وهو وصول هدية له، ونغبطه على ذلك)، في المقابل هناك تواريخ محددة ليوم الأم والعمال والممرضين، وحتى يوم محدد للشجرة، ونلاحظ اهتماما كبيرا من الأبناء باليوم العالمي للأم والذي يصادف 21 مارس من كل عام، وتتسابق وتتنافس الشركات لتصميم هدايا وابتكارات لتقديمها للأم بهذه المناسبة، ورغم إيماننا بأن الأسرة وأركانها مترابطة وتقوم على الاهتمام والرعاية من الأبوين، ودور الأم الأساسي في نجاح وترابط الأسرة، ولكن هناك إغفالا وتجاهلا لدور الأب وتضحياته وضعف التواصل العاطفي والاهتمام به من أبنائه، والأب يدفع ثمن الدور الذي يقوم به من نصح وتوجيه وشدة أحيانا، يقابله عطف وحنان من الأم فلا يرى منها إلا ما يسره من عطف وحنان ودلال، يظهر ذلك في البون الشاسع في المعاملة مع أمهم، وبعيدا عن دور الأب وتضحياته، من أجمل التشبيهات التي تروى كقصة عند دور الأب بعد فقده، هو أنه يذكر «بنور الثلاجة» فقط تجده مضاء دوما عندما تريده، من أجل تسهيل ورؤية الأشياء داخل الثلاجة، ولكن لا نعرف مدى حجم معاناته لكي يستمر بأن يكون مصدر ضوء وسند وعطاء عند حاجتنا له، وهي مفارقة عجيبة بأن الأب يحرص أن يوفر لأبنائه سبل العيش الكريم ولو على حساب صحته وعافيته وراحته، يؤمن بأن يتعب ويبذل أقصى جهد من أجل أن يرتاح أبنائه ولا ينقصهم شيء، ودوما يرجو أن ينجحوا ويكونوا أفضل منه بل ويحرص أن يساندهم دون شكوى أو تذمر، ويواجه صعاب الحياة وظروف العمل وهمه أن يرى أبناءه في سعادة وهناء ونجاح.
صحيح أن الأب في تربيته وتوجيهه لا يلاقي القبول والتطبيق منهم، بل يكون هناك تذمر بأنه يبالغ ومخطئ في رأيه، المشكلة أننا جميعا نكتشف أن آباءنا كانوا على حق في آرائهم وتوجيههم وخوفهم علينا، وذلك عندما نصبح آباء ونمارس نفس ما قاموا به لأنه الأصوب بعد تجربة، لذا كما يقول الدكتور أحمد خالد توفيق - رحمه الله-، الحب يكنه الأبناء إلى آبائهم هو حب متأخر عند الفقد أو المرض أو فقدان شهية الحياة، وهناك مثل هندي جميل يقول: «نعرف قيمة الملح عندما نفقده، وقيمة الأب عندما يموت» فلنهتم بهم إذا كانوا أحياء ولنترحم عليهم وندعو ونتصدق عليهم إذا كانوا أمواتا..
خاتمة:
عزيزي الأب، مارس دورك ووفر لأسرتك أقصى درجات الراحة والأمان، ولكن اهتم بنفسك وكافئها على الجهد الذي تبذله في سبيلهم، وراع صحتك وهندامك وهواياتك وأصدقائك واستمتع دون إفراط أو تفريط، ولنتبادل الهدايا نحن الآباء فيما بيننا أو نشتريها لأنفسنا كتعبير عن الامتنان لأنفسنا والنجاح مهما كان، ولتستمتع أيضا بالموجود في الثلاجة دون الاكتفاء فقط بدور النور.