عثمان بن حمد أباالخيل
ممثلون وممثلات هنا وهناك وفي كل أنحاء الكرة الأرضية يملكون وجهين وليس وجهاً واحداً إنهم أناس ذوو الوجهين. في واقع الأمر المسلم له وجه واحد لا يتغير، ولا يتبدل ولا يتنكر ولا يتقمص شخصية غيره. ليس هناك شك إن الإنسان صاحب الوجهين ممثل بارع يستطيع تقمص شخصيات كثيرة ولديه القدرة على إقناع الآخرين بأساليبه المراوغة، وأكاذيبه المزيفة؛ فحاله ينطبق على حال المنافق. في صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه (سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن شر الناس ذو الوجهين يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)، كفى هؤلاء مقتاً، أن يحكم عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنهم (شر الناس).
نحن نواجه في حياتنا اليومية أناساً نُطلق عليهم لقب «أبو وجهين»، أمامك بوجه وخلفك يرتدي وجهاً آخر إنهم سيئون ومملون يتعاملون بدون صدق في المشاعر لديهم خبث في أعماقهم، لا تهنأ لهم حياتهم إلا بالنميمة والهمز واللمز، يكثرون من الكذب، لديهم أقنعة متنوعة وملونة، يجيدون لبسها حسب الحاجة والطلب، حسودون مثل النار تأكل نفسها. يقول الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى في معلقته
(ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم)
الإنسان صاحب هذا السلوك السيىء يجد نفسه وحيداً ليس له أصدقاء حقيقيون، وغير محبوب على الإطلاق ممن يحيطون من حوله، يدخل نفسه في دائرة منغلقة من العزلة والانطوائية بسبب أفعاله المؤلمة. شخصياً أرى أن هذا الإنسان من أخطر الناس التي نواجهها في حياتنا لأنه يُظهر لك الوجه الحسن، ويخفي الوجه القبيح الذي يستخدمه للطعن في الآخرين، حقاً إنه شخصيتان متناقضتان في ثوبٍ واحد فهو يتلوَّنُ بلونِ صاحب المصلحة التي يرجوها منه ومن ثم يختفي. صدق الشاعر صالح بن عبد القدوس أحد شعراء الدولة العباسية حين قال:
(يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ منك كما يروغ الثعلب)
حقاً يعتبر وجود صفة «ذي الوجهين» سلبياً وغير مرغوب فيه في المجتمع، حيث يتعارض مع قيم الصداقة والصدق والثقة.
في عالم وسائل التواصل الاجتماعي هناك شريحة من الناس يلبسون أقنعة مزيفة تلبي رغباتهم إنهم مرضى وعلينا الحذر منهم وعدم تركهم يتنقلون كيف شاؤوا. حين تسقط الأقنعة ترى وجوهاً عليها غبرة، ترهقها قترة. الحياة بدون أولئك البشر أصحاب الوجوه المتغيرة أفضل وأجمل إنها نصيحة اغلقوا الأبواب في وجوه هؤلاء الناس الذين يجيدون فن التمثيل على مسرح الحياة. ومن أصعب المواقف حين يكون صاحب الوجهين قريباً جداً منك ومن الدرجة الأولى أقولها وبكل وضوح المواجهة هي الحل الصحيح والمكاشفة ووضع النقط على الحروف هو السبيل الوحيد الذي يكشف ما تخفيه تلك الوجوه التي لا تخاف ولا تخجل ببساطة إنها وجوه المنافقين.