م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- الأدبيات الغربية ترى أن أول من كتب سيرته الذاتية هو القديس «أوغسطين» الذي توفي عام (430م).. والذي تحدث فيها عن تأثير الدين على حياته الخاصة.. أما اليابانيون ففي ذاكرتهم التاريخية أن من عادات النساء اليابانيات كتابة ما مر بهن في يومهن.. وكن يسمين تلك الكتابات بـ(كتاب الوسادة).. وسميت بذلك الاسم لأنهن كن يكتبنها قبل نومهن.. وهي لا تظهر لأحد بل تبقى تحت الوسادة وتدفن مع صاحبتها.. وكان ذلك في القرن العاشر الميلادي.. أما أول من كتب السيرة الذاتية بالشكل الذي نعرفه اليوم فهو الإنجليزي (صموفيل بيبس) وغطت تسع سنوات من حياته فقط (من 1660 إلى 1669م).
2- يعتبر المؤسس الحقيقي لفن كتابة السيرة الذاتية الأديب الفرنسي الأشهر (جان جاك روسو).. حينما أصدر كتابه الشهير (الاعترافات) وكان ذلك عام (1700م).. ووصل هذا الفن إلى عالمنا العربي عام (1855م) عن طريق الشيخ أحمد فارس الشدياق في كتابه (الساق على الساق) وطبعه في باريس.
3- تفوق المؤرخون العرب في كتابة السير والتراجم.. حيث تم إخضاع هذا الفرع من التأريخ للجُرْح والتعديل.. من منطلق أنه يمس العقيدة من خلال كتابة السيرة النبوية.. وهذا أفاد فن كتابة السير والتراجم بأن سن له طرق العرض، وأساليب البحث، ونُظُم العمل، وضبط المدونات، وتوثيق الأسانيد.. وبلغ تأثير الاهتمام بهذا الفن أن أثر بالتبعية على بقية فنون التاريخ وأشكاله.. ومما يُحْسب للعرب على المستوى الإنساني تطويرهم أو قُل تأسيسهم لعلم التأريخ الاجتماعي.. حيث برعوا في وصف الزمان والمكان بتفاصيل وسياقات وأساليب لم يسبقهم إليها أحد.
4- كما لم يقع كُتّاب السير العرب فيما وقع فيه الإغريق والرومان.. فلم تكن غاية كتابة السير لديهم خلق صورة الرجل العظيم الخارق الأسطورة المعجزة.. فهذا يتناقض مع الفكر الديني الذي حكم تدوين السيرة النبوية، وبالتالي حَكَم كُتّاب السير والتراجم العامة.
5- هناك من فلاسفة التاريخ من يرى أن التاريخ ليس إلا تدوين سير العظماء.. ومنهم من يرى أن كتابة السير هي إحدى سمات التفكير البدائي.. ومن بين كل المشاعر الإنسانية التي مصدرها إما سياسي أو مذهبي أو عنصري من المسببات التي تدفع إلى طمس النتائج وتجييرها إلى غير مسبباتها.. ظهر خلل عميق في كتابة سير الأعلام وهو اختفاء الفوارق بين التجميل والتوقير، أو بين التشويه والبهتان، أو بين السلبية والحيادية.
6- بدأ أدب السير عند العرب مع كتاب: (مثالب الوزيرين) لأبي حيان التوحيدي.. مروراً بـ(طوق الحمامة) لابن حزم.. ثم في عصرنا الحديث مع طه حسين في كتابه (الأيام).
7- أول ما عرف العرب هو مصطلح (سيرة) المأخوذة من سيرة الرسول العربي الكريم.. ثم في القرن السابع الهجري دخلت كلمة (ترجمة) إلى اللغة العربية من اللغة الآرامية حينما استخدمها (ياقوت الحموي) في معجمه وتعني (حياة الشخص).. وهناك اتفاق على أن كلمة سيرة تعني التاريخ المسهب لحياة الشخص.. بينما ترجمة تعني التاريخ الموجز لحياة الشخص.