عبدالله سعد الغانم
«كلُّ بني آدم خطَّاء».. جملةٌ قصيرةٌ جاءت في نص نبوي شريف، تُثبتُ أنَّ الخطأ من طبيعة البشر وليس أحد منهم معصوم وهي علامة نقصٍ فيهم ولله الحكمة في ذلك، ولكنَّ العجيب في بعض بني الإنسان أنهم يرون العاملين والمبدعين وقد يُعجبون بصنيعهم فيبحثون عن زلاتهم ويتتبعون عثراتهم مبتغين منهم الكمال والكمال عزيز، علمًا أنَّ هؤلاء المتتبعين للعثرات الباحثين عن زلات فيهم من العيوب الكثير، وعندهم من القصور الأكثر ولو وقفوا موقف أولئك المبدعين لن يسدوا مكانهم ولن يأتوا بأجمل مما أظهره المبدعون من العطاء والإبداع، وتعجب أكثر أنْ تجد منهم مَنْ وضع نفسه ناقدًا بصيرًا وحاكماً رشيدًا، وكأنه كما قيل «وكيل لآدم على ذريته» إما حسدًا أو تشفيًا أو حقدًا أو استهزاءً وانتقاصاً «قال ابن القيم: «ومن النَّاس من طبعه طبع خنزير: يمرُّ بالطَّيِّبات فلا يلوي عليها، فإذا قام الإنسان عن رجيعه قَمَّه، وهكذا كثير من النَّاس، يسمع منكَ، ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها، ولا ينقلها، ولا تناسبه، فإذا رأى سقطة، أو كلمة عَوْراء، وجد بُغيته، وما يناسبها، فجعلها فاكهته ونقله»، وليتهم يدركون خطر ما يقومون به ويقرأون قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشرَ مَنْ آمَنَ بلسانه، ولم يدخُل الإيمانُ قلبَه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبِعوا عوراتِهم؛ فإنَّه من تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورتَه، ومَنْ تتبَّع اللهُ عورتَه يفضحه ولو في جوف بيته).
ومن الجميل والحكمة إنْ رأيت قصورًا في أخيك أو لحظت عنده خطأً أنْ تسعى لتنبيهه وتوجيهه بالحسنى بكلمةٍ طيبةٍ وأسلوبٍ مُهذَّب، مشعرًا إياه بمحبتك متعاونًا معه على الارتقاء من باب قول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).
وهنا ختمٌ لمقالتي بهذه الأبيات التي تؤكد ما ذهبتُ إليه في هذه الهمسة لعل الله أن ينفع بها.
عن الزلاتِ لا تبحثْ
دعِ المخلوقَ للخالقْ
فإنْ أبصرتَ أخطاءً
فأنكرْ أيها الواثقْ
تلطَّفْ بالورى نُصحًا
يفوزُ بحبهم رافقْ
وشجِّعهم على حَسَنٍ
بوجهٍ مُشرِقٍ طالقْ
وجُدْ باللفظِ حمَّادًا
لسانُك بالثنا ناطقْ
ستُسعدهم وتُرضيهم
مكانُك عندهم لائقْ
بأجرِ إلهنا أبشرْ
سيهنأ عبدُهُ الصادقْ
** **
تمير - سدير