أروى الشريان
كثرت مشاهداتنا مؤخرا في منصات التواصل الاجتماعي، لفعالية «برد صيفك» في المؤسسات. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على اهتمام المؤسسات بمنسوبيها، لكن يبقى السؤال:
هل الفعالية الداخلية «كبرد صيفك من خلال توزيع المثلجات على الموظفين» تعني السعادة المؤسسية؟
إذا كانت الإجابة (نعم). فالسعادة المؤسسية متعة مؤقتة، تصنع، ثم تبرد، فتباع وتشترى، وتستهلك قبل أن تذوب، وتنتهي بانتهاء برودة المثلجات.
وفي حال كانت الإجابة (لا). إذًا؛ ما هي يا ترى السعادة المؤسسية؟
في مستهل الحديث، لا بُدّ أن ندرك «مفهوم السعادة المؤسسية» بأنها حالة شعورية يحملها الموظف في وجدانه، وهذا الشعور هو محصلة تجاربه الصحية في المؤسسة، يظهره الموظف على هيئة سلوك في العمل. كرضاه وبشاشته وفرحه وحماسه وحبه للعطاء والمبادرة في الإنتاج.
استناداً إلى ما سبق نصل لنتيجة أن السعادة المؤسسية هي محصلة تجربة الموظف الإيجابية، والتي تبدأ من أول تفاعل واتصال مع المؤسسة لتعيينه، وصولًا إلى آخر يوم يعمل فيها. لذلك هي ذات أولوية عالية؛ لأن تجربة الموظف الناجحة تعزز من نجاح تجربة العميل، وتقلل من الخسائر على المؤسسة؛ لأنها تحافظ على رأس المال البشري، وتحقق أرباحا من استثماره، وتبني ثقافة إيجابية تعزز التفاؤل والانتماء، وتنمي المواهب وتطفئ الاحتراق المهني وتحد من تكرر الاستقالات أو النقل لجهات أخرى تقدم نفس الحوافز والمزايا.
وتماشيا مع ما تم ذكره، نجد أن المؤسسات التي تحرص على أنسنة العلاقات والاتصالات الحية مع جمهورها الداخلي، وثبت الرسالة الاتصالية بأساليب متعددة وأفكار متنوعة، وتتصل معهم عبر منصة تجربة الموظف الرقمية، تساعد على نشر صورة ذهنية إيجابية عن المؤسسة عبر سفرائها الموظفين السُعداء.
وجدير بالذكر أن منح الثقة للموظف تحمله الشعور بالمسؤولية وتجعله أكثر التزاما وإنتاجية، بالتالي ترفع من شعور السعادة بالمنجزات.
كما أن الاتصال الفعال مع الموظفين وتعظيم منجزاتهم، والإنصات للمعوقات التي تواجههم والعمل على تفكيكها ومعالجتها، يعزز من الشعور بالسعادة لإدراك الموظف بأن معوقات المهنة لا تعني القصور في الشخصية.
ولعله من المفيد أن نؤكد على أن التحلي بالشفافية وحوكمة الامتيازات والحوافز تشجع الموظفين على التنافس الإيجابي. فالشعور الإيجابي في الإنتاجية يعني السعادة.
كما نلاحظ أن نشر الثقافة التنظيمية وتعزيز القيم المؤسسية تساعد على الاندماج والإبداع وتثري الابتكار، بالتالي تعزز السعادة.
ومن تجربتي الشخصية التي عشتها بإحدى أجمل بيئات الأعمال، والتي أفتخر دوما بمشاركتها مع الأهل والأصدقاء، أن سعادتي المؤسسية وجدتها على هيئة فكر قيادي رشيد وزمالة النخبة من الكفاءات، الذين أخذوا بيدي بجميع مراحل تطوري المهني، فأشرقت بمواهبي أكثر، ألهموني فألهمت الآخرين.
خلاصة القول حينما نجد من يسألنا، هل السعادة المؤسسية تشترى؟
نخبره بأن السعادة المؤسسية لا تشترى ولا حتى تذوب، لأنها تمثل شعور الموظفين الإيجابي الناتج من حصيلة تجاربهم الناجحة في المؤسسة، والتي بدأت معهم من أول اتصال لتعيينهم فيها، مرورا بجميع نقاط التلامس والاحتكاك بكل الأشخاص والتنظيمات، وصولا لآخر يوم يعملون فيه.