محمد الخيبري
لم تكن فكرة احتراف لاعب كرة القدم السعودي خارجياً وليدة لحظة عابرة أو قراراً اتخذ بشكل متهور، أو مشروع رياضي كتب له الفشل وتخلت عنه يد الدعم وتركت بالهامش لسنوات حتى تسلل اليأس لطموح النجوم السعوديين البارزين في كرة القدم.
بل كانت تجربة قديمة مميزة وجريئة و»قصيرة جداً» ونفذت على نجوم سعوديين بعدد قليل - قد لا أذكر- بعالم الاحتراف حتى وإن كان هذا العدد يحتوى على أبرز نجوم اللعبة على الاطلاق بالسعودية.
التجارب السابقة وجدت اهتماما جماهيريا إعلاميا موسعا نظراً لأنها تجارب جديدة وبزمن «رمزي» قصير، وعلى الرغم من ذلك سجل التاريخ الرياضي السعودي تلك التجارب الاحترافية ضمن الإرث التاريخي لكرة القدم السعودية.
وكانت آخر التجارب الاحترافية لبعض نجوم كرة القدم السعودية والتي تبناها معالي المستشار تركي آل الشيخ عندما كان يتولى منصب الرئيس العام لهيئة الرياضة هي الأطول زمناً بين التجارب السابقة والأكثر انتشاراً واهتاماً ونجاحاً.
وقد حققت تلك التجربة معظم الأهداف الاستراتيجية في تطوير لاعب كرة القدم السعودي، والذي نتج عنها المشاركة المميزة في المحافل الإقلمية والدولية والأفضلية المطلقة على لاعبي القارة.
مؤخراً، ظهر على سطح كرة القدم السعودية المحترفة أنباء عن رغبة النجم « سعود عبدالحميد « نجم فريق الهلال بالاحتراف خارجياً؛ مما تسببت هذه الاخبار بالانقسام الجماهيري الاعلامي الهلالي حول هذه الرغبة على الرغم من أنها « مجرد « أخبار تشوبها الضبابية، مع صمت الجانب الرسمي من الهلال ووكيل أعمال اللاعب.
رغبة اللاعب بالاحتراف الخارجي لاشك أنها أمر يعود للاعب نفسه وحق مكتسب شرعي له، وطبعاً هو أمر إيجابي وظاهرة صحية متى ما طبقت بالشكل الاحترافي الصحيح.
حالياً.. لايوجد من يؤكد هذه الأخبار أو ينفيها نظراً لانتهاء معسكر الهلال الخارجي وتمتع اللاعبين بإجازة قصيرة وبانتظار استئناف التمارين بمقر النادي استعداد لمنافسات الموسم المقبل.
ما يزيد الأمر غرابة هو توجه الجانب المضاد للهلال لدعم رغبة اللاعب، ويأتي هذا التوجه على المستوى الجماهيري والإعلامي وبكل قوة وبمطالبات «صفراء خالصة» لتنفيذ رغبة اللاعب والذي سيمثل الوطن على حد وصفهم.
وتكمن «غرابتي» بأن النجم سعود عبدالحميد هو نفسه الذي حامت عليه وحوله الشكوك والاعتراضات الصفراء سواء عند مشاركته كقائد للمنتخب الأولمبي أو لاعب أساسي في خارطة المنتخب الوطني.
هذه الاعتراضات الصفراء كانت تعتبر اعتراضات منطقية من وجهة النظر الاعلامية الصفراء؛ نظراً لوجود النجم الأفضل والمتفوق فنياً على «سعود عبدالحميد» والأحق منه بالمشاركة أساسياً بالمنتخب الوطني.
وقد تبدو الصورة واضحة لدى المتابع لكرة القدم السعودية بأن المطالبات بدعم رغبة سعود عبدالحميد بالاحتراف خارجياً ليس لدعم مصلحة اللاعب ومن ثم مصلحة الوطن بل لمحاولة إضعاف أحد أهم مراكز القوة بالفريق الهلالي.
وتتزايد المطالبات الهلالية بالضغط على إدارة الهلال للظهور الإعلامي للإيضاح واعطاء التفاصيل حول القضية حتى وإن كان ذلك عبر بيان إعلامي.
وعلى الرغم من الحراك الأزرق بشكل إيجابي من بعض أعضاء الشرف الداعمين وبعض الإعلاميين المؤثرين إلا أنه وعلى النقيض من ذلك هناك نشاط إعلامي جماهيري أصفر ومؤثر يحاول بكل قوة عمل توتر في البيت الهلالي تحت مظلة التنافسية التقليدية.
ويتلو هذا الحراك الإيجابي التظاهرات الجماهرية الهلالية وحملات الدعم والمطالبات لاتحاد القدم ولجانه ولجنتي الاستقطاب والاستدامة المالية نظراً لتوقف عجلة الهلال الاحترافية وعدم إبرام أي صفقات محترفة خلال «الميركاتو الصيفي» الحالي وعدم التخلص من بعض اللاعبين المحترفين مثل البرازيليين «لودي وميشائيل».
هذه الحملات التي يقودها بعض المؤثرين بمواقع التواصل الاجتماعي وبعض الاعلاميين والذين يتركز حراكهم في المساحات المتاحة في منصة X يأتي لغرض حماية الجماهير الهلالية من حملات التضليل والتأليب التي يقودها الطرف المضاد لهم بكل قوة.
هذه الحملات -من وجهة نظري- حدت بشكل كبير من أدلجة عقول الجماهير ومحاولة التأثيرعليهم وتوجيههم ضد الإدارة الهلالية من بعض الأسماء الصفراء المعروفة حتى لا يكون اللاعب والجمهور ضحايا للمطالبة بالاحتراف الخارجي.
الهلاليون يحاولون بكل قوة الاحتفاظ بنجم فريقهم الشاب والمميز ودعمه ومحاولة إيصال صوتهم العاشق له مستغلين مواقع التواصل الاجتماعي ومستمرين بكل وقت.
قشعريرة
الهلال في وقتنا الحالي هو المشروع الرياضي المثالي الذي من الممكن استثماره للوطن بشكل فعال؛ نظراً للاستحقاقات القوية التي سيخوضها عطفاً عن الإنجازات غير المسبوقة التي تحققت بجهود الإدارة الهلالية ونجوم الفريق بالاضافة للأجهزة الفنية والطبية.
وتحدثنا كثيراً عن إيجابية مبدأ «الاستثناء» وأنه نظام معمول به بجميع الهيئات والمؤسسات الحكومية ويكون مخصص هذا الاستثناء للمتميزين والمتفوقين في مجالاتهم، ويأتي رياضياً الهلال أحد أميز أندية القارة وأكثرها نجاعة وتفوق وتحقيقاً للإنجازات.
المشاركة في نهائيات «كأس العالم للأندية» بشكلها الجديد والمتجدد وبمشاركة عالمية قوامها اثنان وثلاثون فريقاً يعتبرون هم صفوة أندية العالم، ويأتي «الهلال السعودي» ضمن صفوة أندية العالم.
هذه المشاركة العالمية من أكبر المحفزات للدعم والاستثناء وفق الأنظمة المعمول بها وتأتي لتحسين جودة المشاركة وأسوة بأندية العالم.