د.شريف بن محمد الأتربي
في ظل توجه وزارة التعليم نحو تحديث أدواتها وممكناتها التعليمية، يجب أن تكون المقررات الدراسية واحدة من هذه الأدوات التي تسهم في تأهيل الأجيال الجديدة لتحمّل مسؤولياتها تجاه الوطن، والانخراط في ميدان العمل بيسر وسهولة، إلى جانب المساعدة في تحقيق نسب التوطين والسعودة المحددة في رؤية المملكة 2030 .
يعاني طلابنا خلال رحلتهم التعليمية الممتدة لأكثر من 12 عاماً دراسياً من تكرار بعض الموضوعات دون أي حاجة أو سبب فقط من أجل استكمال أوراق الكتاب الدراسي وعدد أيام الدراسة مما يسهم في إصابة الطلبة بالفتور والملل، ناهيك عن سوء توزيع الحمل أو العبء المعرفي وتفاوته من مقرر إلى مقرر ومن فصل دراسي إلى فصل دراسي آخر.
فالعبء المعرفي هو كمية المعلومات والمهام التي يجب على الدماغ معالجتها في وقت معين. هذا المفهوم له آثار كبيرة على عملية التعلم، إذ إن زيادة العبء المعرفي قد تؤدي إلى صعوبة التركيز والاحتفاظ بالمعلومات. كما يعد العبء المعرفي أيضاً من المشكلات المهمة التي تضعف النظام التعليمي وتؤدي إلى حدوث الفجوات التعليمية نتيجة تفاوت التحصيل العلمي بين الطلبة بناء على قدراتهم العقلية والذهنية.
إن ضخ كميات كبيرة من المعلومات إلى الطلبة بشكل مستمر وباستخدام إستراتيجيات وأساليب تدريس عقيمة وغير مجدية، وحصر دور الطالب في المستمع فقط؛ سيحدث فشلاً في العمليات العقلية، وسيمنع الذاكرة من القيام بعملها المعرفي من خلال ترميز المعلومات ومعالجتها وتخزينها لسهولة استرجاعها عند الحاجة.
وضع «سويلر» نظرية الحمل المعرفي، وجاء فيها: أن في العقل ذاكرة قصيرة المدى (Short Term Memory) ومحدودة السعة (عاملة) لا تستطيع إلا أن تستقبل وتعالج عناصر محدودة من المعلومات، وهناك ذاكرة طويلة المدى ودائمة (Long Term Memory) ذات سعة غير محدودة يخزن فيها المعلومات بعد معالجتها، وأن الذاكرة المؤقتة تشارك في فهم المعلومات وترميزها في الذاكرة الدائمة، وإذا زادت المعلومات التي تتلقاها الذاكرة المؤقتة في نفس الوقت فإن ذلك يؤدي إلى حمل ذهني زائد على المتعلم وبالتالي يفشل التعلم.
يظهر العبء المعرفي في ثلاثة أشكال:
1 - العبء المعرفي الجوهري (Intrinsic Cognitive Load): وهو ينشأ من طبيعة وتعقيد المعلومات أو المهمة التي يتعلمها الطالب، ويتأثر بمستوى صعوبة المحتوى والمفاهيم المرتبطة به.
2 - العبء المعرفي الخارجي (Extraneous Cognitive Load): وهو ينشأ من طريقة تقديم المعلومات أو تصميم المهمة، ويتأثر بكيفية عرض المحتوى والأنشطة التعليمية.
3 - العبء المعرفي المرتبط (Germane Cognitive Load): وهو ينشأ من الجهود العقلية التي يبذلها الفرد لمعالجة المعلومات وبناء المعرفة، ويساهم في عملية التعلم وتكوين الذاكرة طويلة المدى.
إن فهم وإدارة العبء المعرفي هو مفتاح لتصميم بيئات تعليمية فعَّالة، فمن خلال تطبيق إستراتيجيات إدارة العبء المعرفي يمكن للمعلمين والمصممين التعليميين تحسين عملية التعلم وتعزيز فهم المتعلمين للمحتوى، وأيضاً تخفيف العبء الكلي على الطلاب، مما يسهل عملية التعلم وزيادة الفعالية التعليمية.