د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
انسابت مراكبنا وهي تحمل مدينة أبها فوق صهواتها، تحيطها السهول المتأبية والمناخ الودود والأمكنة النابضة بالمكون العسيري الفريد؛ وفي كل ثنايا المسير هناك إعلان مشهود لم يُكتب أن أبها ستكون الأبهى من خلال استثمار كل مقومات التفوق السياحي! فانهمرت مساءاتُنا بمفاخر أبها تلك المدينة الطافحة بين الجبال التي يعانق الضباب شموسها وتلك المدينة الباسمة بورودها وبرودها، وذلك الفضاء الذي يُحاكي أطواق الجمال حين تحيط بأعناق الحسان؛ تحملُ مهادها ووهادها من التضاريس البراقة المتربعة على بساطها الأخضر الممتد وتستقبل صوت رعودها وبروقها ليزينَ آفاقها «عِهادٌ» يسرُّ الناظرين ويروي الظمأى:
عهادُ الغيث منهمرا سكوبا
مُلثا يهضبُ الربع الحبيبا
تُغاديه السحائبُ مدجنات
وتمنح طيبه المعهود طيبا
فما أبهاك يا أبها جنابا
وما أنداك يا أبها هبوبا
أبدعتْ أبها في مزج ألوانها وصناعة ابتهاج مواطنيها بمكوناتها، فتزينوا بموروثها المحلي واستعرضوا تراث منطقة عسير بشكل عام وأبها بشكل خاص، يتمثلون حلو لهجاتها ويستشرفون من خلالها مستقبلهم الأبهى في أبها وتصدح أطيارهم بنبض مخملي نحو أبها «لا تلوموني في هواها قبل ما تشوفوا بهاها... قلبي ما يعشق سواها»، ثم تسير أرواحهم لوجدان أبها «قلبي حبك والله يا أبها أنتِ أجمل من خيال».
في كل مفاوز الطريق وردهات الأمكنة هناك جهود تحتفل في كل لحظاتها بالاستفادة المثلى من التنوع المناخي والبيئي هناك والتشكيل الفريد لمقومات السياحة الجاذبة، حيث هناك نموذج استثماري سياحي قادم بقوة لصناعة السياحة المتطورة في منطقة عسير عامة وأبها على وجه الخصوص.
وختاماً فإن من ممكنات الاستثمار في السياحة هناك في أبها وجعلها صناعة اقتصادية أن تعتمد على المعطيات المتوافرة في البيئة والقاعدة الانتاجية الجاهزة للتعبئة هناك؛ ومن الأهمية تحفيز القطاع الخاص للمشاركة الفاعلة في الاستثمار السياحي من خلال الأطر التنظيمية المرنة القابلة للتحول والتطوير، ومن خلال بناء جسور من الترابط في مجالات التخطيط والتشغيل السياحي بين الجهات المعنية وقطاع السياحة الحيوي المهم!
وتبقى أبها الأزكى شذى والأنضر وجهاً كما باح لها الدكتور الشاعر المتجلي غازي القصيبي - رحمه الله -:
«يا عروس الربى الحبيبة أبها
أنتِ أحلى من الخيال وأبهى
كلما حرّك النفوس جمالٌ
كنتِ أزكى شذى وأنضر وجها»