د.عبدالرحيم محمود جاموس
يظن البعض بأن المشروع الصهيوني قد حقق النجاح والانتصار الكامل على الشعب الفلسطيني وأن فلسطين قد ذهبت إلى غير رجعة وأنها أصبحت شيئا جديدا اسمه (إسرائيل) ويقضي التعامل مع هذه الحقيقة وكأنها قدرا محتوما لا مفر منه.
لكن الحقيقة التي يتغاضى عنها البعض من أولئك وهي الصمود الأسطوري الذي جسده الشعب الفلسطيني وبقي متشبثا من خلاله بكافة حقوقه الوطنية، ولم يرفع الراية البيضاء ولن يرفعها، فهو ما زال وسيبقى منغرسا في وطنه يناضل ويتصدى للعدوان الهمجي السافر وجرائم الإبادة والتهجير رغم جسامة التضحيات وبطش العدو بالمدنيين العزل أكثر من خمسين ألفا ارتقوا شهداء وأكثر من مئة ألف جريح والآلاف الأسرى في عدوانه المستمر للشهر التاسع على قطاع غزة... وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة .... إلا أن المسيرة الكفاحية مستمرة ولن تتوقف حتى الانتصار واستعادة وطنه وحريته وسيادته، رغم ما تعرض ويتعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر منذ قيام دولة كيان المستعمرة الإسرائيلية إلى الآن.....، إلا أنه استطاع أن يحافظ على وحدته وثباته وصموده وتطوره والرقي والتقدم في مختلف الميادين، فهو من بين الشعوب الأكثر تعلما وتقدما ورقيا بين شعوب العالم أجمع.
الشعب الفلسطيني يقف اليوم وعلى مدى أزيد من قرن صامدا في وجه أعتى حملة استعمارية استيطانية عنصرية تعرضت لها فلسطين وبلاد العرب عبر التاريخ على يد الصهيونية والاستعمار العالمي.. لكنه يسجل يوميا عليها الانتصار تلو الانتصار أخلاقيا ومعنويا وماديا وسياسيا وقانونيا وميدانيا، رغم بشاعة واجرامية السياسات التي يمارسها المحتل الغاشم في حقة من قتل وحرق وخراب ودمار واعتقال وضم ومصادرة وتشريعات قرقوشية يصدرها كينيسته وحكومته ظنا منه بذلك أن يطمس حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف.
هذه الإجراءات الغاشمة التي تتصاعد يوما بعد يوم ما هي من طرف الاحتلال إلا دليل ساطع على أزمته الوجودية والتي تتصاعد وتتعمق ودليل على عدم انكسار أو هزيمة الشعب الفلسطيني صاحب أطول ثورة في التاريخ وصاحب الإرادة الفولاذية في الصبر والصمود والكفاح.. لا سياسات تكسير العظام ولا القتل والاعتقال والزج في السجون تستطيع النيل منه ومن صموده.
إن إدانة المحاكم الدولية وخاصة محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية وقراراتها المنصفة الصادرة مؤخرا الخاصة بعدم شرعية بقاء الاحتلال والاستيطان الغاشم وتوابعه في الأراضي الفلسطينية المحتلة تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني الذي لا يتنازل عنها مهما كانت التضحيات.