العقيد م. محمد بن فراج الشهري
رغم كل المحاولات، والقرارات، والإدانات إلا أن مجلس الأمن ومنذ بداية الحرب في غزة يسجل فشلاً ذريعاً متكرراً في اعتماد أي قرار يوقف إطلاق النار وحتى وإن صدر قرار ملزم فإن إسرائيل برعاية أمريكية لا تلتفت لأي قرار وحتى الآن وبعد مرور شهور على بداية حرب غزّة القتلى في تزايد حتى الآن (40) ألف قتيل وأكثر من (100) ألف جريح ومصاب و(20) ألف مفقود بخلاف الأسرى الذين يقبعون في المعتقلات الإسرائيلية بالآلاف، كل هذا نتاج ما أقدمت عليه إسرائيل وحماس...
والسؤال المهم هو ما الذي جناه الفلسطينيون من هذه الحرب؟ الجواب: الدمار الشامل لكل ما هو حي وقتل أبرياء ليس لهم ناقة ولا جمل في هذه الحرب الهمجية وما يدور حول اتفاقات بين حماس وإسرائيل ما هو إلا تلاعب بأرواح الأبرياء وتمادي في الإطالة، والتقتيل يومياً ولنعدّ ونحصي كم أرواح أزهقت ومنشآت صحية وطنية وتعليمية تدّمرت.. وحماس في وادٍ وفلسطين في وادٍ.... إسرائيل لم تلتفت لأي قرار من مجلس الأمن أو غيره ولا حتى محكمة العدل الدولية، ولا الجهات الدولية الأخرى وكل ذلك نتاج تخاذل مجلس الأمن والمجتمع الدولي بكافة هيئاته ومؤسساته، إسرائيل لا تعترف بمجلس الأمن وقراراته طالما هي في حضن الأم الراعية لكل ما تقوم به من أعمال عسكرية أو غير عسكرية...
وهناك خلل واضح في أيقونة مجلس الأمن أظهرتها حرب غزّة بكل وضوح ـ ويعد كثير من المراقبين، إن حرب غزة الحالية، مثلت اختباراً لمجلس الأمن، والمنظمة الأممية بكاملها، وأظهرت عجزها على الاطلاع بمسئولياتها الدولية، وكان الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيرش، قد قال خلال كلمته التي ألقاها مؤخراً في منتدى الدوحة بقطر قال «إن سلطة ومصداقية مجلس الأمن الدولي تقوضتا بعد عجزه عن وقف إطلاق النار في غزّة» وأدى فشل مجلس الأمن الدولي، في التواصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة، بفعل الفيتو الأمريكي، إلى تعرّض واشنطن إلى انتقادات واسعة في المحافل الدولية، من قبل العديد من الدول في وقت يرى فيه مراقبون أن سلوك واشنطن في المجلس هو سلوك عنجهي سيؤدي إلى عزلتها دولياً. ويرى محللون أن الأمم المتحدة، باتت تسجل فشلاً متراكماً، في حل الأزمات الدولية، وإن أزمة غزّة أظهرت هذا الجانب بكل وضوح، إذ تخلّت المنظمة عن دورها السياسي، في إيجاد حل مستدام للقضية الفلسطينية، واكتفت بدور توزيع المساعدات الإنسانية، فما فائدة أن تعطيني (خبزة) والرشاش فوق دماغي، كالذي يحصل الآن في رفح وكل أنحاء غزّة.. القتل والتدمير يومياً وعزل المساعدات عن المواطنين وإقفال الطرقات والممرات. وتشريد آلاف السكان يومياً ونقلهم من مكان إلى آخر حتى أصبحوا لا يعرفون أين يمسون ولا أين يصبحون.. فأين مجلس الأمن من كل هذا...
ورواد السياسة العالمية والمراقبون ينادون ويطرحون أفكارا بضرورة إصلاح آليات اتخاذ القرارات في المنظمة الدولية، والتي تجعل إرادة العديد من الدول رهينة بإرادة دولية واحدة.. وهو الحاصل حالياً وإسرائيل كأنها غير معنية باي قرار ومجلس الأمن لم يجد مخرجاً له ولا لغزّة ولا للأمن والسلم العالميين وإلا لماذا لا يطبق الفصل (السابع) من ميثاق الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الذي ينص الإلزام بتنفيذ القرار الصادر بناء عليه، كما يسمح لمجلس الأمن باستخدام القوة للتنفيذ، بطريق القوات الجوية، والبحرية، والبرية واتخاد ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدوليين أو لإعادته إلى نصابه.. أما التصريحات الأمريكية بعدم الزامية القرارات الصادرة عن مجلس الأمن فهذا يتناقض مع أحكام القانون الدولي والتزامات الولايات المتحدة كعضو دائم في مجلس الأمن وإخلال بقوانين المنظمة بكاملها، ولابد أن يتحمل المجتمع الدولي مسئولية الضغط على إسرائيل للانصياع لقرار وقف إطلاق النار، وإنهاء معاناة المدنيين الفلسطينيين الذين يعاقبون بما جنته عليهم إسرائيل وحماس، وتهاون المجتمع الدولي، ومجلس الأمن وترك إسرائيل تعبث بالأرواح يومياً تحت نظر مشاهدة كل العالم فهل من نهاية؟ وهل لمجلس الأمن من موقف يرمم به شرفه المهان؟ وهل للعالم والمجتمع الدولي من وقفة لإيقاف إسرائيل ومن يساندها؟ والحد من هذا الطغيان الفاجر الماحق الذي إن استمر على هذا الحال فستكون أكبر كارثة في هذا القرن وسيلعن التاريخ كل من تسبب فيها.