د. إبراهيم بن جلال فضلون
قبضة التكنولوجيا، وأروقة الفيروسات والهكر أصابت مفاصل العالم وجسده بهزات عنيفة في ثقة الكوكب في العصر التقني والزمن الرقمي، بل والصواب بجلطة رقمية، بعد «نكسة» شركة مايكروسوفت، والتي تقدر قيمتها السوقية بنحو 3.2 تريليون دولار ما يزيد على 23 مليار دولار على الفور بعد هبوط قيمة أسهمها بأكثر من ثلاثة بالمائة، بسبب الهجمات السيبرانية والفيروسات الإلكترونية وانكشاف برامج الحماية التي أنفق عليها كبار العالم عشرات المليارات في «نكبة» شركة «كراود سترايك»، التي فقدت خمس قيمتها السوقية (20 مليار دولار) من قيمتها السوقية البالغة نحو 125 مليار دولار، وشلل العالم بإيقاف نبضه ومصالحه ومعلوماته ومساراته لفترة، خسر خلالها المليارات في عشرات الدول حول العالم، مما أدى إلى فوضى غير مسبوقة، ليسقط قناع العالم الفضائي، كما سقط قناع القبة الحديدية والذكاء الاصطناعي في طوفان الأقصى من قبل، وانهيارات العملات المشفرة وغيرها من الحوادث، في رسالة واضحة قوامها وقوع الكوكب في قبضة ما صنع البشر، وعجز عن حله عباقرة الثورة الرقمية والشركات التقنية وأودية «السليكون» في حلحلتها أو التخفيف من وطأتها.
لن تعود العلاقة كما كانت على الأقل قريباً، وكأن العالم يتأهب للعودة للعصور السابقة كالاعتماد اليدوي في إدارة شؤونه، كما كان في أيام وباء كوفيد من تخزين الأموال بالمنازل بدلاً من مكن البنوك، لتأتي مداهمة «شاشات الموت الزرقاء» بشلل تقني أربك مليارات البشر وبيوتهم وشركاتهم ومؤسساتهم وطائراتهم والقوس مفتوح، دل على خطأ فادح في نظام تشغيل مايكروسوفت مما يعني أنه لم يعد يعمل بأمان، وهو ما يُذكرنا بتخمين «فارهاد مانجو» الصحافي قبل أعوام في عموده بـ«نيويورك تايمز»، بما سماه بـ«الخمس المُخيفات» بحسب درجة اعتمادهم أو تخيلهم عنها، وهُن: «أمازون، فيسبوك، أبل، ألفابت (الشركة الأم المالكة لغوغل)، ومايكروسوفت».. لتتوقف الأرض فجأة عن إدارة حركة البث والبيع ونظم الدفع في مشارق الأرض ومغاربها، وتخلف ملايين المسافرين في المطارات لوقوفهم بلا حول ولا قوة أمام شاشات زرقاء جامدة لا حراك فيها، أما تعليق هيئة الأمن السيبراني في السعودية، كان شفافاً وثابتاً لسعي الهيئة «للسيادة» التقنية..
والعمل على الحلول السريعة التي عهدناها في مؤسساتنا الحكومية كما صار بنجاح في إدارة أزمة كوفيد 19 ومتحوراته، والأزمات الاقتصادية الأخرى، وهو ما حدث في تفعيل خطة استمرارية الأعمال بالمطارات السعودية، وقطاع المصرفية والمال والبنوك والطيران والصحة بل والعسكرية واستخدام «الأنظمة البديلة» بالتعاون مع الشركاء، وهو ما يجعلنا حريصين لإثبات هويتنا بالاستقلالية الرقمية، وليست تطبيقاتنا منا ببعيدة (أبشر وتوكلنا وناجز وغيرهم)، لنكون أمنين بعيدين عن الهيمنة الأجنبية وكبسة الزر الحارقة.