م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - الإذاعة هي الوسيلة الأولى للتسلية والفائدة لأكثر من مليون قائد سيارة في اللحظة الواحدة على طرق المملكة الطويلة وشوارع مدنها المزدحمة.. وبوجود أكثر من خمس عشرة محطة إذاعية، بين دينية وإخبارية ورياضية وموسيقية ومنوعة تتزاحم على أذن المستمع، وتتنافس على هواه ولَفْت انتباهه وخَطْف ذائقته والفوز باستماعه، فإن كل ذلك يجعل من كفاءة الأداء وجودة الإنتاج أساساً لكسب ولاء المستمع.
2 - لا شك أن من أكثر أوقات الاستماع للإذاعة هي ساعات الصباح الأولى، حيث الذهاب إلى المدارس والأعمال.. ثم تليها ساعات الظهر حيث الانتقال من مكان إلى آخر، إما لأخذ الأبناء من مدارسهم أو الذهاب إلى اجتماعات عمل.. ثم تأتي الذروة وهي ساعات الخروج من الأعمال حيث أوج الازدحام المرهق الذي يصيب السائقين بالتوتر.. وأخيراً ساعات منتصف الليل حيث العودة من المناسبات الاجتماعية والرسمية التي أصبح من عادة المجتمع السعودي عقدها مساءً في مناسباته الخاصة والعامة.
3 - كمتابع مهتم للإذاعات عموماً، كوني أعمل في مهنة الاتصال والمهن ذات العلاقة بها مثل: مجالات التأهيل والتدريب وصناعة المحتوى والتخطيط والإنتاج الإعلامي، وكواحد من سكان مدينة الرياض فأنا بحكم زحامها استمع لمدة لا تقل عن ساعتين يومياً للإذاعات، اتنقل بينها حتى أجد ما يروق لي.. وأنا ممن يفضلون البرامج الحوارية وبالذات التفاعلية، لأنها تعطي مسحاً عاماً للرأي العام عن قضايا مجتمعية عامة.. وخلال الفترة الماضية لفت نظري مواقف وملاحظات أعتقد أنها عامة تشتكي منها كل الإذاعات.
4 - برامج الحوار التفاعلي تكون عادة مكونة من مُذِيْعَيْن اثنين ذكر وأنثى، ونجاح البرنامج يعتمد في درجة عالية منه على مدى الانسجام الصحيح بينهما مع كفاءة الأداء بالطبع.. والذي لا يفطن إليه المذيعان أحياناً أن المستمع ذكي جداً يحس بمدى الانسجام من عدمه بين الاثنين، ويعرف إذا كان الانسجام كبيراً جداً أو منعدماً جداً.. وأنا شخصياً رصدت حالات ظهر لي منها عدم الانسجام بين المذيعين حيث كان النفور هو سيد الموقف وبشكل فج، العجيب أنهما استمرا في الظهور معاً مدة بعدها، وهذا يدل على أن مسؤولي تلك الإذاعة لا يراقبون برامجها.
5 - من الملاحظات الهامة التي التقطتها - وما كان يجب أن تحدث كأبسط قواعد البث - هي حينما اختلفت المذيعة مع زميلها، ففتح المخرج الهواء عليهما، لكنهما عناداً في بعض لم يتكلما، حتى اضطر المخرج إلى إدخال أغنية بعد برهة من الصمت ظن المستمع أن الإرسال في الإذاعة قد انقطع! وأما أكثر الملاحظات شيوعاً، والتي ألاحظها يومياً تقريباً فهي إما تداخل أحد المذيعين على زميله أو زميلته، حتى ولو لم يكن لديه ما يضيفه، أو أن يتأخر أحدهما أو كلاهما عن حضور مطلع البرنامج فتمر الربع ساعة الأولى من البرنامج موسيقى بلا معنى.
6 - أما الملاحظة المشتركة بين جميع الإذاعات وأعزوها لحداثة انتشار البث الإذاعي (FM) في المملكة فهي ضعف كفاءة المذيع والمذيعة في صوته ولغته وثقافته وسلوكيات التعامل مع البث المباشر.. ومن الواضح أنهم لم يتلقوا التدريب الكافي الذي يرفع من هيبة «الهواء»، فالإذاعة تخاطب الملايين وليست (بودكاست) خاصاً للمذيع له أن يقول فيه ما يشاء أو أن يسيء التعامل مع المتصل ويتهكم أو ينفعل عليه.
7 - أخيراً.. كل إذاعات (الإف إم) الخاصة تظل خاصة، لكن إذاعات هيئة الإذاعة والتلفزيون وبالذات إذاعة (الرياض) فهي تمثل الصوت الرسمي للمملكة، ويجب أن يكون سمتها وقوراً ومحافظاً، وحركات الشباب التي من الممكن ممارستها في الإذاعات الخاصة الأخرى لا يجب ممارستها في إذاعة (الرياض) «تحديداً».