نجلاء العتيبي
في قرية صغيرة، كان الحزن يُثقل قلبه، بعد أن فقد ابنته فجأةً، لكنه قرَّر أن يُكرِّس حياته لرعاية أبناء القرية، مع مرور الوقت، تعلم قراءة قوة الفرح في الوجوه البريئة، بدلًا من أن يغرق في الفقد، وأن الحياة تستمرُّ حتى بعد الخسارة.
«جزء من قصة»
الفقد هو أحد أكثر المشاعر الإنسانية تعقيدًا وأثرًا، تجربة تتجاوز كل وصفٍ، وتترك بصمتها على كل لحظةٍ نعيشها، هو اختبار حقيقي لقوة الإنسان، وقدرته على التحمُّل والصمود.
عندما نفقد شخصًا أو شيئًا ذا قيمة، لا نفقد فقط وجوده المادي، بل نفقد أيضًا جزءًا من ذواتنا المتصلة به، الفقد يخلق فراغًا يمتدُّ ليشمل الآمال والطموحات المشتركة، اللحظات التي لم تُعش، والأحاديث التي لم تُقل، إنه شعور بالاغتراب الداخلي، حيث يفتقد المرء قطعًا من القلب.
هو ليس مجرد غياب غالٍ أو حُلم أو شيءٍ، بل هو تمزُّق في نسيج الحياة اليومية، حيث يتحوَّل الروتين إلى ذكرى، والحاضر إلى لحظة ماضية، يتجاوز الكلمات والوصف يظلُّ راسخًا في الأذهان والقلوب.
يقودنا إلى مواجهة أنفسنا وأحزاننا
ويدفعنا للتأمُّل في جوهر الحياة
أيضًا يمكن أن يكون مصدر إلهام..،
هو جزء لا يتجزَّأ من التجربة الإنسانية..
إنه رحلة عبر الألم والذاكرة
تعيد تشكيلنا بطرق لا نتوقَّعها
يترك فضاءً لا يمكن ملؤه
لكنه يفتح أبوابًا جديدة نحو النمو والتغيير وهو حالة يتجاوز تأثيرها الشعور بالحزن العابر إلى ترك بصمة في الروح.
شعوره يتجلَّى في الطريقة التي يُغيِّر بها تصوُّراتنا عن الحياة والناس، ويعيد تشكيل علاقاتنا مع الذات والآخرين.
في حكمة العصور القديمة، نجد أن الفقد كان دائمًا جزءًا من الفهم العميق للحياة.
الحياة متوازنة دائمًا، والفقد هو جزءٌ من دورتها الطبيعية، يُذكِّرنا بأن كل شيء مؤقت، ورحمة الله جابرة.
رغم أن الفقد يترك جرحًا غائرًا، إلا أن الزمن يحمل في طيَّاته بذور التعافي، يبدأ التعافي عندما نسمح لأنفسنا بالشعور بكل ما يرافق الفقد من حزنٍ وألمٍ، إنه جزء ضروري من الرحلة نحو الشفاء، في هذه المرحلة، يُصبح الحديث عن الفقد، وتذكُّر الذكريات المشتركة وسيلة للتعامل مع المشاعر بدلًا من إنكارها.
التعافي لا يعني نسيان ما فقدناه، بل يعني التكيُّف مع الغياب، وإيجاد معنًى جديدٍ للحياة دونه، يتعلَّق الأمر بقبول الواقع الجديد، وتعلُّم كيفية العيش معه، قد نجد في هذه الرحلة قوى جديدة داخل أنفسنا، وندرك أن الفقد قد علمنا دروسًا ثمينة حول الحياة، والصبر، والمرونة.
في نهاية المطاف، يمكن أن يصبح الفقد مرشدًا لنا، يدفعنا لإعادة تقييم حياتنا، وإعادة ترتيب أولوياتنا، من خلاله قد نكتشف جوانب جديدة من ذواتنا، ونُطوِّر عمقًا في فهمنا للحياة ومعانيها، الفقد يمكن أن يُعلِّمنا التعاطف، الصبر، وقوة الروح البشرية.
رغم أن الألم قد يبدو أبديًّا، إلا أن الزمن يلعب دورًا حاسمًا في عملية التعافي، هذه الرحلة ليست سهلة، ولا تخلو من العثرات، لكنها تحمل في طيَّاتها إمكانية التحوُّل والنمو، يبدأ التعافي بقبول الألم والشعور به بكل صوره، هذه المرحلة تتطلَّب شجاعة كبيرة، حيث يجب على المرء مواجهة مشاعره بدلًا من الهروب منها.
وفي قلب الفقد يمكن أن نجد بذور الأمل.
ضوء
قال عمر بن عبد العزيز: «ما أنعم الله على عبدٍ نعمةً فانتزعها منه، فعاضه مكانها الصبر، إلَّا كان ما عوضه خيرًا مما انتزعه».