د.م.علي بن محمد القحطاني
أسواق النفع العام ومنها أسواق الخضار العامة تعيش في حالة فوضى عارمة، وإن كنت أخشى أنها على مستوى كل المدن الرئيسية في المملكة لكني سأركز فيما أعرفه وعايشته، ومشكلتها لا تتعدى مظلاتها ومباسطها وإلا كيف استمرت لعقود فالمراقبون ورؤساء البلديات والأمناء حتى الوزراء تغيروا، أي كل من كانوا على هرم المسؤولية تغيروا طوال هذه السنين، بمعنى آخر الكون المحيط بهم بأكمله تغير، والثابت الوحيد هم بعض أو أغلب العاملين فيها من كبار التجار وما يسمى أرباب تلك المهن والخاسر الوحيد الاقتصاد الوطني والأيدي العاملة السعودية وصغار المزارعين، حتى الجاليات المسيطرة على السوق تتغير وتعاقبت على هذه السيطرة والنفوذ عدة جاليات أجنبية، والغائب المغيب هم أبناء الوطن فكل من حاول اقتحام هذا المجال تكالبوا عليه حتى أخرجوه من السوق وأصبح هذا المجال عش دبابير حقيقيا، كلٍ يخشى الاقتراب لأنهم عايشوا تجارب قبلهم لشباب طموح كانت نهايتهم مأسوية نفسيا وماديا لأن خسارتهم وخروجهم من السوق خاتمة حتمية..
الغريب أن ما سُمي إجادة لم نلمس لها دورا في المواطنين الواجب تواجدهم أو على الأقل توقعنا تواجدهم فيها، مثل هذه الأسواق فمن استبعدهم؟
وفي السياق نفسه، عند الحراج والبيع لا يُعطى المزارع حقه في منتجاته لأن تجار السوق أو الجالية المسيطرة هم المهيمنون على السوق والأسعار متفق عليها بينهم لا يمكن أن يزايد أحدهم على الآخر، فما أحوجنا إلى إحكام الرقابة على السوق بخطوات منها: عدم تمكين تاجر الجملة من ممارسة تجارة التجزئة ويتم تغيير المحرجين باستمرار مع حوكمة عمليات البيع والشراء في الحراج وأسماء المشترين وأن تشمل الرقابة أماكن البيع داخل السوق، أما المزارعون، وحتى لا يضطروا لترك مزارعهم هي الأخرى للعمالة الوافدة كما حال البعض منهم حاليا يبرز هنا دور وزارة الزراعة والبيئة والمياه لإيجاد الحلول للحفاظ على هذه الثروة، ومنها انشاء جمعية وطنية تعاونية لحماية صغار المستثمرين تتولى عملية التغليف والنقل والتوزيع والتسويق أو منصة إلكترونية لضبط هذه الأسواق وتوثيق العمليات للمزارع والوسيط أو المزج بينهما بما تراه الوزارة؛ لأن الحفاظ على هذه السلسلة من الحقل وحتى المائدة سيسهم بإذن الله في تحسين مداخيل المزارعين البسطاء وزيادة إنتاجهم ورفع كفاءته مما سينعكس على زيادة الناتج الإجمالي للقطاع الزراعي
ومن المهم وضع النقاط على الحروف عن الجهة المسئولة عن أسواق الخضار في المدن وفك تشابك المسؤوليات وازدواجية الصلاحيات إن وجد بسرعة، تحديد الصلاحيات والمهام بتركيزها في جهة واحدة وتقليص الفترة الانتقالية الاستلام والتسليم (الفترة الرمادية) أو تلافيها بالكامل لأن هذه الفترات حقول ألغام قد تدس لعرقلة جهود أو ترسيخ واقع أمام المستلم الجديد..
وختاماً.. أوجز بأنه وكما هو معروف لحل أي معضلة يكتنفها الغموض وتتداخل أحداثها ويتعدد أشخاصها البحث عن المستفيد!.
** **
- مستشار وخبير إدارة كوارث وأزمات