تغريد إبراهيم الطاسان
منّ الله على مملكتنا الغالية بأن حباها بموقع استراتيجي متميز وتنوع بيولوجي وبيئي فريد، حيث تمتلئ مناطقها الجغرافية المتنوعة بالكنوز الطبيعية والتكوينات الجيولوجية الفريدة والصحاري الشاسعة والجبال الشاهقة والسواحل الممتدة على البحر الأحمر والخليج العربي، مما جعل منها ملاذا آمنا للمحافظة على الموارد البيئية المتجددة من ثروات حيوانية ونباتية من حيوانات وأشجار ونباتات وزهور وغيرها، ومن هذا المنطلق، بذلت الجهات المعنية في بلادنا جهودا كبيرة للحفاظ على التنوع البيولوجي وتحقيق التوازن البيئي.
مستهدفات طموحة تقودها المملكة للحفاظ على بيئتها الطبيعية الفريدة والعمل على تكاثرها وحمايتها من التدهور، ويأتي إنشاء المحميات الطبيعية من أبرز تلك المستهدفات، وطالما تميزت السعودية باحتضان أراضيها لعدد كبير من المحميات الطبيعية التي يبرز من بينها محمية الأمير محمد بن سلمان التي أعلن مجلس إدارتها برئاسة سمو ولي العهد قبل أيام عن إطلاق خطة متكاملة لتطويرها وتنميتها وفق أفضل الممارسات والمعايير العالمية، تحقيقا لأهداف رؤية السعودية 2030م التي تركّز على حماية النظم البيئية والتنوع البيولوجي وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة وتعزيز السياحة البيئية، تحقيقا لمستهدفات المحمية بأن تكون وجهة سياحية توفر للزوار تجربة برية وبحرية متنوعة.
ولا يخفى علينا جميعا أن اهتمام المملكة بحماية البيئة ليس حديث عهد، فقد بدأ منذ عهد الملك المؤسس - طيب الله ثراه- حينما قام بجمع عدد من الحيوانات الصحراوية المهددة بالانقراض، وأهداها إلى حديقة سان دييغو في الولايات المتحدة للعناية بها والحفاظ عليها، وعلى نفس الخطى سارأبناؤه الملوك من بعده، وصولا إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان اللذين حرصا حفظهما الله على إصدار الأنظمة التي تحافظ على المناطق المحمية للحياة الفطرية وتطبيق النظم الجيدة لاستغلالها، إضافة لتنظم صيد الحيوانات والطيور البرية ومنع الاتجار بالكائنات الفطرية المهددة بالانقراض ومنتجاتها.
ومن المتعارف عليه أن محمية الأمير محمد بن سلمان تقع تحت إشراف سمو ولي العهد الذي يتولى منصب مجلس إدارتها، وهي عبارة عن محمية ملكية تأسست بأمر ملكي في العام 2018، وهي تمتد على مساحة 1600 كيلو متر مربع، وتتميز بموقع استراتيجي يربط بين المشروعات الكبرى مثل نيوم وأمالا والبحر الأحمر والعلا شمال غرب المملكة، كما تحتضن المحمية أربعة مواقع تم إدراجها في قائمة مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو، وتهدف هذه المحمية الملكية للحد من الصيد والرعي الجائر والاحتطاب وزيادة الغطاء النباتي وحمايته، وإنماء البيئة الطبيعية للحيوانات والنباتات والمحافظة عليها وإعادة التوازن البيئي.
ونظراً لأهمية تطوير المحميات الطبيعية باعتبارها ثروة وطنية، فقد جاء إطلاق خطة تطوير وتنمية محمية الأميرمحمد بن سلمان من وجهة نظري ليشكل فرصة مميزة للمملكة للحفاظ على مواردها الطبيعية وفتح مجالات جديدة للاستثمار الأخضر وجذب الاستثمار البيئي، وزيادة العوائد الاقتصادية من خلال زيادة أعداد الزائرين بالمحميات، وتنشيط السياحة البيئية، كما تشكل تلك الخطوة فرصة هامة لإبراز المساعي السعودية الحثيثة نحو تعزيز دورها البيئي عالميًا، وإظهار جهودها في مجال الاستدامة والتحول الأخضر والحفاظ على البيئة، بما يساهم في تبوئها مكانة رائدة دوليا في مجال إعادة تعزيز التنوع الأحيائي وتوطين الحياة البرية والمحافظة على البيئة وإعادة التشجير، وذلك عبر المساهمة في تحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء.
الأكيد أن خطوة إطلاق خطة تطوير وتنمية محمية الأمير محمد بن سلمان ستكون بمثابة خارطة طريق شاملة لإدارتها بكفاءة وفاعلية بما يتوافق مع أحدث المعايير العالمية، كما يتوقع أن تسهم تلك الخطوة في تعزيز جهود إعادة الإحياء البيئي، وتحقيق التوازن البيئي المطلوب على امتداد المناطق المحيطة بالمحمية، بالإضافة إلى إيجاد تجارب ثرية للسياحة البيئية، من خلال استهداف تعزيز الاستثمار لدعم برامج الحماية البيئية والثقافية.